قراءة نقدية في
البرنامج الاستعجالي
2008 - 2012
"إن المناضلين
المنحدرين من الشباب الثوري ببلادنا, أبناء العمال والفلاحين الذين أعطوا حياتهم
في المعركة ضد الإحتلال الاستعماري, أبناء وإخوان أولئك الذين سقطوا برصاص الحسن
في الريف وفي البيضاء, هؤلاء المناضلين ليسوا من الذين يخافون من مطرقة العدو. في
المواجهة اليومية لجهاز العدو القمعي, سواء كان ذلك في ساحات الثانويات والجامعات,
أو في الأحياء الشعبية, أو في المعامل وفي البوادي, أو في كهوف الكوميساريات وزنزانات
السجون, سينصهر الفولاذ الأصيل الذي يسلح شعبنا, الفولاذ الذي يسلح ثورتنا
أكيد أن هذا الفولاذ
غير كاف اليوم, ولكن الفولاذ الممتاز الذي يكون شعبنا يمنحنا ثقة في المستقبل"
جريدة إلى الأمام
عدد 9 صيف 1973
يشكل الهجوم الاخير على حقل التعليم و
الذي تجسد في تطبيق ما سمي ( البرنامج الاستعجالي) تراكم و استمرارية لكافة
الهجومات على هذا القطاع الحيوي. الذي لطالما اعتبرته الجماهير الشعبية حقا مقدسا
يجب الدفاع عن مجانيته وتحصينه .الشئ الذي حاول النظام القائم بكل وسائله و
مخططاته ضربه و جعله من الماضي, لكن إرادة و عزيمة الجماهيرالطلابية و الشعبية
كانت أقوى من أن تقهرها طول السنوات و حجم الاستهدفات .(1) فعلى طول هذا الصراع أثبتت
قوتها و صلابتها في الدفاع المستميث عن أكبر قطاع مجاني تلجه شريحة عريضة من ابناء
الجماهير الشعبية , بحثا عن منفذ من القهر و الاستغلال و أملا في الخلاص و توفير
لقمة عيش غير قائم مصيرها و وجودها , في مغرب تتقاسم خيراته البرجوازية
الكمبرادورية الحاكمة وتحاول استعباد جماهير واسعة من شعبنا الكادح الذي تستنزف من
جيوبه عن طريق الاسعار المرتفعة و الضرائب المباشرة و الغير مباشرة ما تعتبره
ميزانية ثقيلة تصرف على قطاع غير منتج في نظرها هو قطاع التعليم .وبما أن هذا
(المخطط) يأتي كاستمرارية لمجموع الهجومات, فإنه لن يخرج عن نفس الروح و نفس النسق
الذي طبعت به جميع الاستهدافات من حيث الجوهر إنه خوصصة القطاع ومايستتبعه من
تشريد لأبناء الجماهير الشعبية, لكن ما يميزه عن باقي المخططات السابقة ( اصلاح
75و برنامج التقويم الهيكلي 83) أنه يعمق اكثرالهجوم على التعليم وياتي في ظروف
دقيقة و في تطورات دولية و وطنية يجب أن يعيها الجميع حتى نكون في مستوى وحجم
المسؤلية التاريخية الملقات على عاتقنا في تحصين و الدفاع عن مجانيته . وإذا كان من
بين مهام أي مناضل داخل الحركة الطلابية كما خارجها مواجهة هذا المخطط فان هذه
المسؤلية لا يمكن أن تنبع عن جهل بواقعه و
مضمونه, بما هي مسؤلية البحث والكشف والتنقيب في ثناياه, كما عن الأسباب و الشروط التي فرضت تنزيله على
ارض الواقع اي داخل حقل التعليم . حتى لايكون نقدنا و وصفنا له بالإستهداف لحقل
التعليم مجرد ترديد لاسطوانة من الشعارات حفظناها و و رثناها عن مناضلين وعن
مخططات وإستهدافات أخرى سابقة .
ولأنه ليس سهلا أن تقول أن (الميثاق الوطني للتربية و
التكوين) هو المخطط الاستعجالي أو نسخة مشوهة أو
إلخ .... ,التي غالبا ما يتم ترديدها دون أدنى إطلاع بأبسط ما جاء به المخطط
الاستعجالي. والذي حتى لو إفترضنا أنه لم يحتوي أي جديد يذكر فإنه من التقاعس
النضالي و الدغمائية الإدعاء بأن ما جاء في ثنايا الميثاق هو نفسه ماجاء به
البرنامج الاستعجالي.
واذا كان لمجموعة من الرفاق الفضل في الحركة الطلابية في إعطاء
قراءة صحيحة و علمية بخصوص ما سمي ( م و ت ت)(2) اعتمدت البحث و التدقيق في مضمون
و بنود هذا المخطط الطبقي . فان من الضرورة النضالية كما العلمية تدقيق االبحث في
مضامين هذا الجديد و إعطاء قراءة علمية تكون نابعة من القراءة المتأنية لمضمونه ,وليس
من نسخ المقولات و الشعارات التي تم ترديدها عن ( م و ت ت ) أو كذلك الإكتفاء
بالقول أنه لايمكن الحديث عن أي جديد و التقاعس عن القيام بأحد المهمات اللازمة
لتوجيه أي نقد أو رفض لهذا المخطط إنها مهمة البحث والتحليل .
من هذا المنطلق سنحاول ان نتناول بالبحث و التحليل و النقد
مختلف الشروط و التطورات التي فرضت انزال
البرنامج الاستعجالي ؟ كذلك المضمون
الحقيقي والرهان الذي حاول النظام القائم الوصول اليه من خلاله ؟ وكيف السبيل الى
مواجهته وتحصين حقل التعليم من استهدافاته؟
- ماهو السياق
التاريخي لتنزيل البرنامج الإستعجالي؟
من بين التطورات التي عرفها العالم هي حدة و عمق هجومات
الامبريالية على أقصى بقاع العالم, لفرض سياسة وإقتصاد وإديولوجية وحيدة, هي خدمة
الرأسمال الذي تراكم إلى مستويات متطورة
جدا (الاختناق) و التي أصبح يهدد بانهيار تام للامبريالية العالمية إذ هي لم تنقذ
الموقف و تتجاوز التناقضات الموجودة بينها ( أي الامبرياليات العالمية)و تفكر كذلك
في تعطيل حدة التناقظ القائم بين قوى الإنتاج المتنامية في البلدان التبعية
بالخصوص وعلاقات الإنتاج القائمة على الاستغلال وذالك من خلال مجموعة من الإجراءات
( الهجومات) إم بشكل سافر ومباشر, من خلال التدخل و شن حروبها اللصوصية على مجموعة من البلدان ( العراق – افغانستان- ...) أو بشكل غير مباشر ,من
خلال توجيه السياسات الداخلية للبلدان التبعية عن طريق مجموعة من الإملاءات (الأوامر)
,لخدمة مصالحها خصوصا وأن الانظمة القائمة في هذه البلدان هي حريصة على مصالح
الرأسمالية أكثر من حرصها على مصالح شعوبها, بالنظر إلى إرتباطها البنيوي
بالاقتصاد الامبريالي, هذه الانظمة العميلة التي لم تذخر جهدا في التطبيق الحرفي
لهذه الإملاءات والتي يعد المخطط الطبقي ( البرنامج الاستعجالي ) واحدا منها حيث
عمل النظام القائم بالمغرب على طول تواجده على رأس جهاز دولة المعمريين الجدد ,ومنذ
السنوات الاولى للاستقلال الشكلي على ضرب قطاع التعليم و هو الشيئ الذي واصله على
إمتداد تاريخه الدموي, ليصل على مستوى بداية هذا القرن إلى تطبيقه ل (م و ت ت) بعد التقرير الذي توصل
به النظام من البنك الدولي في منتصف التسعينات من القرن الماضي والذي يعتبر بشكل
صريح ضربة مباشرة لمجانية التعليم و إعلان صريح عن نية تفويته للخواص, بعد ما تم
تفويت مجموعة من القطاعات الحيوية الأخرى,( كالصحة والسكن والنقل ..) هذا المخطط
الطبقي (م و ت ت) الذي يستهدف كل المستويات ( الاقتصادي, السياسي والاديولوجي
)والذي خصص له النظام العشرية 2000-2010 كمدة لتطبيقه . لكن الحركة الطلابية
ولوحدها كانت في مستوى حجم هذه الإستهدافات. حيث واجهت عبر معارك نضالية وازنة و
على طول هذه العشرية و حتى حدود 2007 هذا المخطط و قدمت التضحيات الجسام من إستشهادات
(حفيظ بوعبيد 2001 بفاس الحسناوي عبد الرحمان 2007 بالراشدية محمد الطاهر الساسيوي
2007 بمكناس عبد الرزاق الكاديري 2008 بمراكش )و كذا إعتقالات و الطرد في جل
المواقع الجامعية, سواء في معركة 2003 –
2004 أو في كل المعارك من التي
عرفتها في تلك المرحلة .الشيئ الذي أربك
حسابات النظام القائم وكل رهاناته في خوصصة القطاع ,بمرور ثلاث سنوات على تطبيقه
كما كان مقررا ,خصوصا وأن النظام لازال
يراهن على قطاع التعليم كثاني أولوية بعد ما يسمى "الوحدة الترابية "و
هو الشيئ الذي لم يستسغه , فكان من الضروري التفكير في خطوة أخرى نظرا لإن هذه
السنة { أي 2007 }عرفت مدا نضاليا في مجموعة من المواقع ,ومن جهة عرفت إصدار البنك
الدولي لتقرير جديد بخصوص قطاع التعليم يصنف المغرب في مراتب متاخرة عالميا و
يدعوا النظام إلى التسريع في وتيرة تطبيق مضامين الإملاءات, فما كان منه –النظام
القائم –إلا التفكير في خطوة مسعورة تترجم النكسات التي حصدها ,( مدا نضاليا
للحركة الطلابية – توبيخ امبريالي على عدم التقدم في تطبيق م و ت ت). 3 ليتم وضع
برنامج إستعجالي على مستوى موسم 2007- 2008 حتى يتسنى له المضي قدما في ما تم
التخطيط له . لكن قبل ذلك وجه لهذه المعارك الوازنة داخل الحركة الطلابية والمؤطرة بشعار " المجانية او
الاستشهاد" ضربة قوية بالوكالة .
تجسدت في هجوم القوى الشوفينية الرجعية على
معارك الحركة الطلابية وإغتيال المناضلين
القاعديين ( الحسناوي و الساسيوي في ماي 2007) و كذا من خلال مجموعة من الإعتقالات
في مجموعة من المواقع الجامعية ( مكناس ,
اكادير , مراكش , فاس و الراشدية حيث لايزال الى حدود الان عشرات المناضلين داخل زنازين النظام القائم) وتدشين حملة واسعة
من القمع و المحاصرة على مجموعة من المواقع الجامعية من أجل تكسير إرادة الجماهير
الطلابية الرافضة الاستهدافاته .
يأتي كذلك تنزيل المخطط الطبقي(البرنامج الإستعجالي ) بعد الأشواط
التي قطعها النظام في خوصصة قطاعات أخرى ( الصحة و السكن ) وفي ظل رفض شعبي لمجمل
السياسات الطبقية و التي عبرت عنها الجماهير الشعبية في مجموعة من المحطات عبر الصدام
و المواجهة مع النظام القائم في كل من (
صفرو , بومالن دادس سيدي افني.... ) , و التي أكدت و بالملموس و رغم ما طبعها من
عفوية قدرة الجماهير و نهوضها في وجه الإستغلال و الإضطهاد .مما جعل الحركة
الطلابية ولوحدها أمام هذه الإستهدافات تقدم التضحيات تلوى التضحيات من الجرحى ,
المطرودون و المعتقلون والشهداء مؤكدة بذلك أنه لا يمكن للنظام القائم أن يتقدم
خطوة واحدة في خوصصة التعليم في ظل تواجد المعبر عن مصالح الجماهير الشعبية داخل
الجامعة المغربية .
- المضمون الحقيقي للبرنامج الاستعجالي .
لقد إعتمد واضعوا البرنامج الاستعجالي ( ب اس) في الصيغة التركيبية على تقييم إنجاز الأهداف
المطروحة في (م و ت ت )ثم الاهداف المتوخات
,
وكذا التدابير المتخذة لإنجاز هذه الأهداف , وهي
صيغة تؤكد على أن الهدف من ( ب اس ) قبل أن تكون أي مشروع جديد الوقوف عند الإخفاقات
و الإنتكاسات و التي مردها إلى الرفض الجماهيري لمحتوى ( م و ت ت) و الذي لم يقف
عند حدود الرفض بل تعداه بل إلى مواجهة
بنوده على أرضية مصالح الجماهير الطلابية , كما إعتمد – واضعو{ب. إس} –طرح السبل و
الوسائل لتسريع الإجهازعلى الجوانب الأساسية لمجانية التعليم و التي لم يفلح
التحالف الطبقي المسيطر في فرضها من خلال
الميثاق. فالمخطط الاستعجالي يكشف عن الاهداف الخسيسة التي يريد الوصول اليها من
خلال ما طرحه في محتواه :
1 ما حقيقة إلزامية التعليم الى حدود 15 سنة وما جودة و طبيعة
هذا التعليم ؟
قد يخيل إلى المطلع البسيط أن التدابير المتخذة في البرنامج
الاستعجالي لإلزامية التعليم إلى 15 سنة و لاؤل وهلة أن هناك فعلا تعميم و مجانية
و تحفيز لتحقيق هذه لإلزامية . لكن ما أن يطلع على حقيقة فقرات هذا البرنامج حتى
يعرف أن كل هذه العبارات والشعارات ما هي إلا شعارات جوفاء واهية, وباطل أريد به
حق , فعلى سبيل المثال : يقول- ب اس- (وفي
موضوع تطوير التعليم الأولي وبالضبط في المجال الأول منه ما يلي "أما
في الوسط الحضري و المناطق المؤهلة عموما فستتخذ العديد من إجراءات الدعم و التحفيز
قصد تطوير العرض التربوي الخصوصي في
التعليم الأولي) '' أما على مستوى المشروع الرابع من المجال الاول فيقول ''( تجدر
الإشارة إلى توسيع العرض في الداخليات ينبغي أن يعزز بتدابير إضافية و خصوصا تطوير صيغة { دار الطالب (ة)} التي تسيرها
الجماعات المحلية , وكذلك تطوير العروض الخاصة على غرار النموذج
المعمول به على صعيد الأحياء الجامعية )" فعن اي تعميم يمكن ان نتحدث في ظل تفويت المدارس للخواص, سواء الابتدائية و الثانوية الإعدادية و أي
حديث كذلك عن الإلزامية في ظل شروط التنقل و الكتب والتغذية وما تكلفه من ميزانية للأسر .في الوقت الذي يتم فيه الحديث عن تفويت
دور الطالب (ة)للخواص على غرار النموذج المعمول به على مستوى الأحياء الجامعية على
حد قولهم , أكيد أن المجانية التي يتحدثون عنها و التعميم والإلزامية لا تطال
أبناء الكادحين و الجماهير الشعبية السحيقة بل تلة قليلة من المحضوضين منهم , لكن
ما يؤكد على بهتان ما يدعون من جودة و تعميم هو أن تحديد 15 سنة كحد, يعلن عن طبعة هذه الإلزامية و عن
فحو هذا التعليم . تعليم يحشو الرؤوس بأشياء لا طائلة منها , تخبل العقل و تذهب
حاسة النقد والتحليل و تكرس قيم الإستهلاك و الخضوع والإستسلام , تعليم تمر في فصوله دون أن تأخذ
من كل فصل إلا رقمه ,( النموذج ما سمي بجيل مدرسة النجاح والذي يهدف إلى محاربة
التكرار و الهدر المدرسي ,دون مراعات لشروط التلاميذ و نتائجهم وإنما أن يكمل
التلميذ في حدود 15 سنة فترة الإعدادي, حتى ولو إنتقل من قسم إلى قسم أخر بمعدل
لايتجاوز 20/ 4 )وإليكم ما جاء في تقاريرهم عن المستوى الذي و صل إليه التعليم في
ظل الجودة التي يتحدثون عنها , فعلى مستوى الإختبارات الدولية يحتل المغرب الرتبة
44 من بين 45 دولة في إختبار ( 1") المتعلق بالقراءة, و الرتبة 40 من
بين45 دولة في إختبار 2003 (2" )
المتعلق بالعلوم و الرياضيات , ناهيك على أن تحديد 15 سنة تحكمه خلفية توجيه
هوؤلاء التلاميذ إلى الشارع أو في أحسن الأحوال إلى الخدمة المباشرة للألة و الرأسمال
الأجنبي .دون أدنى دراية بخبايا الصراع و متطلباته و الدور الذي يمكن أن يلعبه هذا
التلميذ في حال ما إذا واصل تعليمه العالي وتكوينه, الشيئ الذي قد يشكل تهديدا
لمصالح النظام و معه الرأسمال الأجنبي .
2 – ماذا يقصدون
بحفز روح المبادرة والتفوق ؟
إن المطلع على (
م و ت ت ) سيجده يتحدث عن منح الإستحقاق ,هذه المنح التي ومن خلال المواد 174 ,
175 يؤكد على أن المنح ستمنح للمتفوقين المحتاجين فقط هو تعبير يؤكد طبيعة حفز روح
المبادرة و التفوق المقصودة , خصوصا وأن هذا التعليم لن يعود مجانيا بالشكل الذي
طرحوه في هذه المواد من الميثاق و أكدوه في تدابير البرنامج الاستعجالي التي سنأتي
على توضيحها في المحور الرابع من هذا
النقاش .فها هو البرنامج يوضح حقيقة هذه الروح, إنها روح الخوصصة التي بدأها و
سطرها (م و ت ت)في جل مواده . فعلى سبيل المثال لا الحصر يقول ( ب اس) : على مستوى
تحسين العرض التربوي في " المجال الثاني " وبعد فتح ثلاث مطاعم جامعية بكل من أكادير , بني
ملال وطنجة ستحدث مطاعم جديدة في أفق سنة 2012 لتعمم على كل الأحياء الجامعية ,
بما سيمكن من توسيع قاعدة المستفيدين منها بشكل بارز " ثم بعد ذلك وحتى لا
يدع للحالمين تخيل ما لا يريد فإنه يعقب
ذاك الكلام بالقول ( ولمواكبة هذه الجهود و إستكمالها سيتم تشجيع العرض الخصوصي
في مجال الإيواء , و الإطعام الجامعيين) قد يظن القارئ أن هناك تناقظ ما . لكن
الأمور أوضح من أن تحجبها دعاية التعميم حيث سيتم بواسطة عروض خاصة للايواء
والإطعام, هذه هي الأحياء الجامعية التي يتحدثون عن تعميمها وهذه هي المطاعم التي يريدون
أن يحدثوها ,وهنا تجدر الإشارة إلى أنه سبق لوزير تعليم أن صرح بأن تكلفت الإيواء
و الإطعام يجب أن تصبح بتسعرتها الحقيقية وليس الرمزية الموجودة حاليا حتى في
الأحياء القائمة الان فكيف بالأحياء والمطاعم المراد إنشاءها ؟؟؟؟
إن الحديث كذلك
عن" التميز "إنما يقصدون به جعل التعليم نخبوي و محدود الولوج إلى
مسالكه وخصوصاالتعليم الثانوي التأهيلي و العالي و هو التعليم الذي يمكن أن يخرج أطر و كوادر قادرة على فهم الواقع و بالتالي تغييره
ليس لخدمة مصالح الرأسمال و إنما لخدمة مصالح هذه الجماهير التي لا يزال خيرة
أبنائها يعذبون و بأبشع الصور, إما في المعتقلات ( الطلاب نموذجا) أو أمام
البرلمان ( المعطلون حاملوا الشواهد) إن المخطط الاستعجالي عندما يقول: (سيثم إحداث ثانويات التميز التأهيلية ,الهادفة
إلى إستقبال التلاميذ المتفوقين في نهاية السلك الإعدادي بغية تطوير
دينامية التنافس و التميز) إنما يقصد نفس الروح التي أنشئت بها
جامعة الأخوين , و التي تنشأ بها اليوم جامعة خاصة أخرى بالدار البيضاء, إنها
المبادرة في فتح الباب على مصراعيه لخوصصة
التعليم العالي من خلال خلق نخبة النخبة , و كذا تفاهة المضمون الذي يمكن أن يحمله من خلال جعل لإجازة
في 3 سنوات و الحديث عن ربط الجامعة والمدرسة بالمحيط أو سوق الشغل و كل ذلك على
حساب توجهات و شعب غير مرغوب فيها , يسمونها المسالك ذات الإستقطاب المفتوح ,مما
يعني أن العكس هو الذي يجب أن يحدث ( المسالك ذات الولوج المحدود) من خلال
الإنتقاء , الزبونية , المحسوبية والخوصصة وهي القادرة على جعل الطالب يكمل دراسته
في هذه المسالك في الوقت الذي سيتم فيه التراجع على المسالك المفتوحة , يقول {
البرنامج اس }على مستوى المشروع 3 من المجال 2, في قضية تحسين العرض التربوي في
التعليم العالي : ( 3 – تنمية العرض التربوي الجامعي المستجيب لحاجات سوق الشغل : يجب
إعادة تحديد توجهات المسالك ذات الولوج المفتوح بإحداث تخصصات جديدة على مستوى سلك
الاجازة بغرض مهننتها و تمكين الطلبة من قدرة أكبر للإندماج في سوق الشغل,
بالإضافة إلى ذلك سيتم تقديم المجزوءات الممهننة من قبل مهنين من أجل تحسيس الطلبة
بالإمكانيات التي يتيحها التعليم الذي تلقوه و ذلك من خلال تعريفهم بمختلف المهن
وقطاعات الأنشطة ) , و هو ما يتم به العمل حاليا من خلال خوصصة و حدات الإعلاميات
و وحدات أخرى داخل مجموعة من الكليات كبداية لتمرير ما هو أخطر من ذلك ,لأن النظام
و صل إلى خوصصة السلك الثالث في جل الجامعات المغربية الذي كان إلى حد قريب حصن يستعصي الوصول إليه .
3 – كيف يريد المخطط الطبقي ( ب اس) تدبير الموارد البشرية ؟
يستهدف هذا المجال الثالث هو الأخر التعليم في الموارد البشرية
المرصودة له ليس فقط من خلال ضرب المنح , التكوينات , التجهيزات , الصيانة , سنوات
الدراسة و قيمة المنحة من أجل التقليص من
الميزانية المخصصة للقطاع . بل ينفذ إلى أكثر من هذا في تطبيق سياسة اللامركزية و
اللاتمركزالتي أعلنها المخطط كوسيلة لذلك ,حيث العمل بالنسبة للمدرسين
بالعقدة وكذلك جميع العاملين حول المدرسة إلى مقاولة يحدد فيها أجر المدرس
بعدد الساعات و بعدد المهمات التي يقوم بها وهنا تجدر الإشارة إلى أن المخطط
الإستعجالي جاء بأمور اكثر خطورة وجب ذكرها :
- التوظيف بالعقدة على مستوى الاكاديمية ( توظيف أساتذة 3 غشت
بعقدة مع الاكاديمية لمدة 4 أشهر )
- العمل بالمدرس
المتحرك و المتعدد الإختصصات ( تدريس أكثر من مادة وفي أكثر من مؤسسة)
- الإشتغال قبل الدخول المدرسي
وفي الفترات البينية دون أي تعويض
- تحديد 3 إلى 4 سنوات من العمل التدريبي قبل
الترسيم .
- الساعات الإضافية الإجبارية .
إن الحديث هنا عن اللامركزية ليس لتبسيط المساطر وتقريب
الإدارة من العاملين بل لضرب وحدة التعليم وجعل المدرسة وحدة صناعية والعملية التعليمية بضاعة تقاس نتائجها بقلة
المصاريف وسرعة الإنتاج ( التخرج ؟؟؟) وذلك بتقليص عدد المدرسين والعمل خارج أوقات العمل أو كذلك من خلال
التخلص من التلاميذ من خلال محاربة التكرار بتنقيلهم من مستوى إلى أخر أو من خلال
الطرد النهائي بدعوى أنهم تجاوزوا المدة المسموح بها ,أم فيما يخص المجالات
المرتبطة بالتعليم, فهي لأخرى لم تسلم من الهجوم ( شركات الصيانة– شركات الأمن
الخاص , عوض أعوان مرسمين ) والتي تم تعميمها على جميع المدارس و الجامعات . إنهم
لا يريدون بذلك ( اللامركزية و اللاتمركز ) منح صلاحيات واسعة لذوي الشأن التعليمي
( أساتذة و طلبة ) وضع البرامج والسهر على سير المؤسسة بل الهدف من كل ذلك هو
التخلص من العبئ الذي تشكله ميزانية التعليم ( حسب منظورهم ) بواسطة تفويته للخواص
عن طريق المؤسسات الجهوية – الاكاديميات – أو- رئاسة الجامعات – والتي ينتظر منها
أن تمثل النظام القائم في التفاوض مع الرأسمال في بيع وتفويت المؤسسات القائمة
بأثمنة تفضلية بحيث سيكون مورد هذه المقاولات لنهب قوت الجماهير الشعبية عن طريق
إبتزازها في رسوم التسجيل وعن طريق العمل بالعقدة وعن طريق إستغلال فضاء المؤسسة
في أشياء لا تربوية (مهرجنات , مقر سكن لقوات القمع , ......) فالبرنامج
الاستعجالي يعلن عن ذلك- اللامركزية و اللاتمركز-
بوضوح من خلال :
- تفويض تدبير الممتلكات إلى الأكديميات و الجامعات .( وذلك عن
طريق التعاقد مع ما سمي الشركاء الإقتصاديين)
- وضع صيغة جديدة لتوظيف مديري المؤسسات وفق معايير لا تربوية
وإنما مقاولاتية ومن خارج المجال التربوي
- إقرار تعاقد بين الدولة والجامعات والأكاديميات
4- كيف سيتم توفير وسائل التمويل (
النجاح) ؟؟؟
إن المجال الأخير و الذي يتحدث عن التمويل هو الذي يفضح طبيعة
هذا المخطط الطبقي , بما هو مخطط جاء ليكمل ما لم
يتم إنجازه ( عجز النظام عن تحقيقه) في { م و ت ت }من ضرب المجانية بإقرار رسوم
التسجيل , فالبرنامج الاستعجالي يطمح إلى ( تفويت بعض الخدمات التي لا تشكل جوهر
العملية التعليمية إلى جهات خارج المنظومة , مثل البناء و الصيانة الإطعام و
التنقل و الحراسة و الفضاءات الخضراء)- مقتطف من{ ب اس}- إذا كانت هذه الوظائف لا
تشكل جوهر العملية التعلمية حسبهم – أصحاب البرنامج الاستعجالي – فما الذي يشكلها
إذا ؟؟؟؟ وهنا نود الإشارة إلى الإجراءات التي جاء بها ال{ م و ت ت }والتي أجملت
على مستوى القراءة النقدية في :
- وضع نظام
جبائي مشجع للمؤسسات الخاصة لمدة يمكن أن تصل إلى 20 سنة .
- إعفاء بعض المؤسسات الخاصة كليا من الضرائب .
- إعتراف الدولة بشهادات القطاع الخاص و منح شهادات الدولة
مباشرة للمتخرجين منه.
- وضع أجود أطر التربية و التكوين رهن إشارة التعليم الخاص .
- اداء منح مالية لدعم المؤسسات الخاصة ذات الإستحقاق.
- استفادة اطر القطاع الخاص من دورات التكوين الأساسي و
المستمر الموجهة لصالح القطاع العام .
إن إطلالة بسيطة على هذه الإجراءات و إجراءات أخرى كفيل بتوضيح
الخلفية وراء تنزيل الميثاق والتي زكاها وعمقها البرنامج الاستعجالي بل ليس من
الصدف أن يتم تخصيص مجال كله للحديث عن التمويل , وإليكم من أين سيأتي النظام
القائم بالتمويل و على شاكلة ما جاء في الميثاق بل أكثر وضوح و أكثر خسة فالبرنامج
سيضرب مجانية التعليم من خلال :
- عقد شركات إنتقائية و فعالة ؟؟؟
- إقرار تدابير تحفيزية تمكن من تسهيل اسثمار الخواص في
قطاع التعليم ( اليات اقتناء الاراضي بشروط تفضيلية و لتمويل كلفة الاستثمار,
تحمل جزء من كلفة البناء ).
- تطوير نموذج متكامل للعرض التربوي الخصوصي أقل تشتتا ينتظم
حوله متدخلين خواص يتوفرون على إمكانات و مؤهلات عالية و يتواجدون على إمتداد
التراب الوطني ضمن مجموعات مدرسية معترف بقيمتها و أهليتها .
- بإمكان ممثلوا عالم الإقتصاد الإسهام في تطوير الملاءمة
بين التكوين و سوق الشغل بالمشاركة بفعالية في تحديد العرض التكويني بل و المساهمة
في البرامج و مساهمتهم في تمويل بعض المؤسسات وفي هذا الإطار سيتيح إبرام
تعاقدات وتحديد إلتزامات مختلف الأطراف وتجسيد هذه الشركات و ضمان استمرار هذا
النهج.
- إجراء دراسات و
تجارب نموذجية بشأن إمكانية تفويض تدبير مؤسسات تعليمية للقطاع الخاص و تقديم
إعانات للتسيير حسب الضوابط المعمول بها .
- إحداث صندوق للتمويل يسهر على تحصيل وتدبير موارد إضافية من
لدن الشركاء الأساسين المنخرطين في
استكمال ورش الإصلاح .
فإذا كان واضحا أنه لامجال للحديث عن المجانية في ظل الخوصصة ,
فإنه لا حديث عن المجانية في ظل تطبيق الإجراءات التي سبق ذكرها و التي قطع النظام
القائم أشواط فيها ,خصوصا وأن{ ب اس} يأتي كمكمل ل {م و ت ت} وللبنود التصفوية
التي عرجنا على بعض منها . إن خطورة هذا المخطط
لا تقف عند حدود ما هو مادي بالرغم من أهميته بالنسبة لطرفي الصراع (
الجماهير الشعبية– النظام القائم) بل يتعداه إلى أهداف أخرى سياسية وإديولوجية
معلنة أو غير معلنة الهدف منها متكامل وهو تأبيد السيطرة والحفاظ على نفس علاقات
الإنتاج القائمة محليا و خدمة ديمومة الرأسمال من خلال توجيه كل الشعوب لخدمته
وعبر مخططات كالذي بين أيدينا, إن أصحاب البرنامج الاستعجالي يتطلعون من خلال
تطبيقه إلى الوصول :
إقتصــــــــــــــــــــاديا
:
بيع القطاع للخواص من خلال التعاقد و الشراكة مع ما يسميهم
الشركاء الإقتصاديين .
تخفيظ كتلة الأجور و التوظيف بالقطاع و اللجوء إلى الأستاذ (ة)
المتحرك و المواد المتاخية و الأقسام المشتركة كصيغة من بين صيغ أخرى لهذا الغرض .
تفويت بعض الخدمات المرتبطة بالعملية التربوية { كالصيانة
,النظافة , الحراسة ,....} لشركات لا علاقة لها بالوسط التربوي لا من قريب و لامن
بعيد .
تفويض تدبير الممتلكات لشركات خاصة من أجل التهرب من المسوؤلية
عن القطاع .
تفويت الداخليات و دور الطالب للجمعيات و" الشركاء
الإقتصاديين " من أجل التخلص من الإطعام المدرسي .
ضرب المنح من خلال خلق منح" التفوق و التميز" و التي
تكرس النخبوية و تعفي النظام القائم من المسوؤلية في المنح لجميع الطلبة .
التوظيف بالعقدة مما يعفي النظام من المسوؤلية في التوظيف و
يلغي حقوق الأساتذة في الترسيم و الترقية {أساتذة 3 غشت نموذجا و الفئات التعليمية
الأخرى }.
غلق مجموعة من المسالك الجامعية و وضع الإنتقاء في أخرى من أجل
الحد من ولوج أبناء الجماهير الشعبية للتعليم.
ســــــــــياســـــــــــــيا
:
- تفتيت وحدة التعليم
من خلال ما سمي باللامركزية في المناهج و التسيير و التوظيف مما يضرب مصلحة
العاملين و التلاميذ و الطلبة .
- خلق و الإستمرار في التمثيلية الشكلية لمجالس الكليات ضدا
على مصلحة الحركة الطلابية و الإتحاد الوطني لطلبة المغرب .
- تشتيت المركبات الجامعية الكبرى بهدف القضاء على الفعل و
الحركة الطلابية .
- التوظيف بالعقدة و سد الخصاص وكثرة الفئات التعليمية الأخرى مما يخلق التشثث و
التضارب في المصالح بين العاملين في القطاع و التلاميذ و الأباء و يزكي النظرة
التحقيرية للتعليم و للعاملين فيه .
- الإمعان في السياسة الطبقية و في تكريسها من خلال خلق تعليم
موازي و نخبوي { ثانويات التميز , الإنتقاء ,.........}.master privee , الوحدات الخاصة
إديولـــــــــــــــوجيـــــــــــــــا
:
تسليع التعليم من خلال ربطه بالمصاريف و التكلفة و النفقات .
تسييد ثقافة الإنتهازية و الوصولية على حساب الجودة و المضمون
في المقررات و الولوج إلى التعليم .
تسييد ثقافة تحقير التعليم العمومي و المنتمين إليه من أجل
تدعيم التعليم الخاص .
تفتيت وحدة التعليم في الجامعات و المقرارات الدراسية بما
تكرسه من ثقافة رجعية و إستهلاكية و سوقية .
ـ ماهو السبيل لتحصين التعليم من هذا المخطط ؟
بعد
أن بينا حجم الإستهدافات الذي جاء بها هدا المخطط و الطموحات الحقيقية لواضعيه في
ضرب التعليم العمومي و خاصة ما يتعلق بالمجانية , و عرفنا أن هذا المخطط هو
إستمرار للمخطط الطبقي ( الميثاق الوطني للتربية و التكوين ) في كل جوانبه
الإقتصادية و السياسية و الإديولوجية . فإن النضال ضد البنود التخريبية التي جاء
بها ستكون هي أولوية الأولوية عند جميع المناضلين , إلا أن أي نضال أو معركة مهما
بلغت من الحجم و القوة , ستكون عاجزة على تحقيق الإنتصار ما لم تسترشد ببرنامج
سياسي علمي دقيق و واضح يحدد أسباب الأزمة
( الذاتية و الموضوعية ) وبالتالي الإجابة عنها في ربط جدلي بين السياسي و النقابي
. لأن المعارك النقابية لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تجيب عن مخطط طبقي يستهدف
التعليم كحق مقدس في كل الجوانب و عند طبقات إجتماعية بعينها , الشيئ الذي يؤكد
اليوم علمية و دقة البرنامج المرحلي كإجابة عن واقع التعليم في المغرب . هذا
البرنامج الذي يربط الإجابة عن الأزمة في شقيها الذاتي و الموضوعي في شكل خلاق
بواقع الحركة الطلابية , و يربط بين معارك الحركة الطلابية اليومية بمعركتها
الإستراتيجية , وهي معركة الشعب المغربي
في القضاء على نظام الإستغلال و القهر الطبقي, و الذي هو مصدر كل هذه
المخططات و السياسات الطبقية , وبما أن الحركة الطلابية هي جزء لا يتجزء من الحركة
الجماهيرية, فإن الحركة الطلابية مدعوة اليوم لتفجير معارك وازنة لمواجهة هذا المخطط ,تجسد مضمون البرنامج
المرحلي في الربط بين السياسي و النقابي و ترفع الشعار المناسب و المؤطر لهذه
المرحلة من الصراع و الذي يجمع حوله كل الطلاب والذي هو نفسه " المجانية أو
الإستشهاد" , و في الوقت الذي تقوم الحركة الطلابية بدورها الحقيقي في هذه
المعركة فإن الحركة الجماهيرية مدعوة لتقدم الإجابة الشاملة في المعركة الطبقية
الإستراتيجة و الذي لايمكن أن يتأتى لها إلا من خلال بناء أداة التغير والحسم و
الذي هو حزب الطبقة العاملة المستقل سياسيا ,إديولوجيا , تنظيميا .
1{1}
: المعارك التي خاضها الشعب المغربي في مواجهة السياسات الطبقية للنظام القائم
مباشرة بعد الإستقلال الشكلي إلى اليوم مرور بالمحطة التاريخية و أو ل صدام حقيقي
بين الجماهير الشعبية و النظام ما بعدالإستقلال الشكلي و هي الإنتفاضة التاريخية
23 مارس 1965.
{2}
:ميثاق وطني للتربية و التكوين أم مخطط طبقي للتركيع و التبضيع ( مناضل قاعدي صيف
2000 فاس )
{3}:
معارك طلابية وازنة بقيادة الطلبة القاعديين بكل من مكناس و أكادير و الراشيدية و
جدة و التي كان من نتائجها تحقيق مجموعة من المطالب والتي قدمت مجموعة من المعتقلين
و المطرودين .
{1"}: PIRIS
{2"}: TIMSS
مناضل
قاعدي
مكناس
في 2010