قراءة في كتاب المادية و المذهب النقدي التجريبي
المادية و المذهب
النقدي التجريبي
تقديم :
من الأشياء
الضرورية و الأولية في المعركة التي تخوضها الشعوب و في مقدمتها الطبقة العاملة
,من اجل التحرر من نير الإستغلال و الإضطهاد الطبقي هي مهمة النضال النظري . و
تعتبر دراسة الفكر الماركسي اللينيني مركز
هذا العمل , ومساهمة منا في هذه المهمة , نقدم للمناضلين-ت قراءة بسيطة و مختصرة
لكتاب الرفيق لينين " المادية و المذهب النقدي التجريبي " ونعتبر أن هذه
القراءة هي مساهمة بسيطة لن تغني الدارس عن الكتاب و عن أهمية الإطلاع على الكتاب
, ولكن هي عمل و تلخيص للكتاب يمكن الرجوع إليه عند الضرورة وفي نفس الوقت هي
تركيز للأفكار الواردة في الكتاب .
حول الكتاب :
كتب الرفيق لينين هذا الكتاب بعد القمع الذي تعرضت له ثورة 1905 , حيث
القمع و التعقب و الترهيب البوليسي للحزب العمال الاشتراكي الديمقراطي الروسي و
للفكر الماركسي , وقد انتبه لينين إلى حجم هذا الهجوم السافر الذي تخوضه ضد
الماركسية و الفلسفة المادية في جميع مناحي الحياة لا فقط الأعداء السافرين
الرجعيين الفلاسفة و أنصار القيصرية في روسيا , ولكن جزء كبير كذلك من المنتسبين
للحزب و للمنظمات الثورية في روسيا , هذا الهجوم الذي أخذ طابعه السافر بالهجوم
على المادية مستغلا ما يعتبره التطورات الحديثة في العلوم و العلوم الفزيائية و
لكن ليمرر الفلسفة الماخية التي كان الفضل لإنجلس في الرد الكبير على ما تطرحه في
كتابيه ( ضد دوهرينغ , لودفيغ فيورباخ ونهاية الفلسفة الكلاسيكية الألمانية ),
ولكن الرفيق لينين لم يكتفي بفضح هذا المذهب ( المذهب النقدي التجريبي) بل أعطى
بشكل أكثر وضوحا ودقة تعريفا عن المادة هو تعميم لكل تاريخ نضال المادية ضد
المثالية و الميتافزياء ولكل الإكتشافات الجديدة في العلوم الطبيعية .في الوقت
نفسه وضح نظرة المادية لمجموعة من المسائل العرفانية الأساسية في الحقيقة المطلقة
و النسبية و المكان و الزمان و كيف تتكون المعرفة من اللامعرفة و إنتقد بشدة نظرية
الإحساسات و إنكار الواقع الموضوعي الذي إنطلقت منه الفلسفة الماخية .
الفصل الأول : نظرية المعرفة في
المذهب النقدي التدريبي و المادية الديالكتيكية 0 - 1.
1- الإحساسات و مركبات الإحساسات
:
يعتبر ماخ كما أفيناريوس أن مصدر المعرفة هو الإحساسات أو مركبات الإحساسات
بينما لا يعترفان بالواقع الموضوعي , بينما تعتبر المادية المنسجمة التي دافع عنها
ماركس و إنجلس في " لودفيغ فيورباخ "و " أنتيدوهرينغ " أن
الأفكار هي صور الأشياء للمادة الموجودة باستقلال عنا وليس إحساسات أو حتى "
رموز " كما يقول بعض الماديين غير المنسجمين .وهذه الفلسفة " النظرة
الذاتية للمعرفة " " نظرية الإحساسات " تقود نحو استنتاج هام مفاده
أنه لا وجود لشيء أخر غير " الأنا" يعني وجودي أنا وحدي "
السوليبسيسم "
2- اكتشاف عناصر العالم .
يعتبر أدلر أن فلسفة ماخ قد اكتشفت
عناصر العالم حيث يعتبر أن هذا الاكتشاف يتلخص في :
- أن عناصر العالم تنقسم إلى فيزيائي و نفسي .
- أن كل موجود يعلن إحساسا .
- أن الإحساسات تسمى عناصر .
- أن صلة العناصر الفيزيائية و صلة العناصر النفسية تعلنان غير
موجودتين بصورة منفردة إحداهما عن الأخرى, فهما لا توجدان الا معا .
- أنه لا يمكن التجرد من هذه الصلة أو تلك إلا مؤقتا .
- أن النظرية الجديدة " نظرية العناصر " تعلن خالية من
أحادية الجانب .
3- التنسيق المبدئي و " الواقعية الساذجة ".
الحديث عن العضو المركزي "الأنا " و العضو المضاد " البيئة " وكيف
أنهما في تنسيق لا انفصام لعراه , فلا وجود للبيئة في غياب " الانا " و
العكس.
4- هل وجدت الطبيعة قبل الإنسان .
إذا كانت المادة العضوية هي ظاهرة متأخرة و ثمرة تطور طويل فإنه لم تكن ثمة
" مادة " حساسة و لم تكن ثمة "مركبات إحساسات " لم يكن ثمة
أية " أنا " مرتبط بصورة لا انفصام لها بالبيئة حسب ما يزعم أفيناريوس .
بينما تدافع الماخية عن نفسها من خلال :
- أفيناريوس : الوجود بالقوة ( العضو المركزي) مثال الجنين و الوالدين
, مثال أنه لا يمكن تصور البيئة بدون وجودي أنا العضو المركزي .
- بتسولدت قانون السببية المتعلق بالتعريف الوحيد المدلول إذا
كنت قادرا على تصور الأرض و إعطاء تعريف لها فهذا يعني أنه كما توجد الأرض الان
فهي موجودة من قبل ,
- فليلي هو إما أن يؤدي النقاش حول مسألة الأرض قبل الإنسان إلى
السوليبسيسم ( أفيناريوس ) أو المادية في نظر " فليلي " (بتسولدت ) و
بالتالي لا هذا و لا ذاك فإن على الإنسان أن يعيش اللحظة الراهنة و أن لا يفكر في هذه المسألة فما الجدوى من وجود الأرض
ملايين السنين بدون حياة في نظره
.
- - موقف بازروف الذي يحاول أن ينطلق من نظرات بليخانوف حول
المعرفة لكن دون استيعاب بالإضافة إلى تشويه و بتر خلاصته حول هذه المسألة و دون
الإشارة إلى النظرات المادية حول هذه المسألة من وجهة نظر الفلاسفة الماديين (
ماركس , إنجلس , فيورباخ ).
5- هل يفكر الإنسان بواسطة الدماغ ؟
إذن حسب أفيناريوس ليس الدماغ عضو
الفكر و ليس الفكر وظيفة الدماغ , بينما
يقول إنجلس " إن التفكير و الإدراك هما نتاج الدماغ البشري "
بينما يقوم أفيناريوس بالهجوم على المادية انطلاقا من الهجوم على نوع من
المثالية " نظرية الحقن " هذا هو المسار الذي سلكه في تبريره لعملية المعرفة و نظرته لعلاقة الدماغ بالفكر .
فا" الحقن " ينكر أن الفكر وظيفة الدماغ و أن تكون الإحساسات
وظيفة الجهاز العصبي المركزي عند الإنسان .
6- عن سوليبسيسم ماخ و أفيناريوس .
استنادا على مجموعة من الفلاسفة الذين وضحوا فلسفة ماخ و افيناريوس
على أنها سوليبسيسم، إذن تأكد أنه من يتهم
لينين بالتطرف الذاتي مصاب بالعمى الذاتي .
الفصل الثاني : نظرية المعرفة
في المذهب النقدي التجريبي و في المادية الديالكتيكية
1 – " الشيء في ذاته " أو تشيرنوف يدحض
إنجلس :
حاول أنصار المذهب النقدي التجريبي دحض إنجلس من خلال اتهامه بالكانطية أي
الاعتراف بالشيء في ذاته و أنه لا يمكن معرفته " بينما يتبنى إنجلس وجهة نظر
المادية التالية :وجود الشيء في ذاته باستقلالية عنا و إمكانية وجوده من أجلنا و
أن لا فرق بين الشيء في ذاته و الظاهرة
توجد
الأشياء بصورة مستقلة عن وعينا و إحساساتنا خارجا عنا .
لا يوجد أي فرق مبدئي بين الظاهرة و الشيء في ذاته .
في نظرية المعرفة تجب المحاكمة بطريقة ديالكتيكية و هذا يعني
أنه يجب علينا لا أن نفترض معرفة ثابتة ناجزة لا تتغير بل أن نحلل و نبحث بأي
طريقة تظهر المعرفة من اللامعرفة بأي طريقة تصبح المعرفة غير الكاملة غير الدقيقة
أكمل و أدق .
2 – عن التعالي أوف بازروف " يعالج "
إنجلس :
حاول بازروف وصف و إتهام إنجلس و الماركسية بالتعالي , لأنها تقدم و تعترف
باستقلالية الواقع الموضوعي عن إحساساتنا
و عن وعينا و أنه يوجد فرق مبدئي بين الظاهرة و الشيء في ذاته و هو هجوم سبق و أن
خاضته جميع الفلسفات الرجعية ضد المادية و أنهم يقولون ( الفلاسفة الرجعيون كانط و
هيوم ...)أن الانتقال من عالم الإحساسات و المدركات إلى الشيء القائم خارج
الإحساسات هو التعالي الذي لا يجب الخوض فيه و يقولون عن الماديين أنهم واقعيون و
متعالون و أنهم ميتفزيائيون يقومون بالانتقال غير المشروع من ميدان إلى ميدان أخر
مختلف بالنسبة لهم .
3 – لودفيخ فيورباخ و يوسف ديتزغن و " الشيء
في ذاته " :
تأكيد مادية ما قبل الماركسية لأهمية الفكرة القائلة باستقلالية الواقع
الموضوعي عن الوعي , نظرات فيورباخ و ج ديتزغن نموذجا .
4 – هل توجد حقيقة موضوعية
؟
إذن فالحقيقة الموضوعية هي الاعتراف بالواقع الموضوعي المستقل عنا و
المتجسد في المادة . فالاعتراف بالواقع الموضوعي هو اعتراف بوجود الحقيقة
الموضوعية سواء أدركناها كاملة ( مطلقة أو أدركناها عبر مراحل (نسبية )
المادة هي مقولة فلسفية تعبر عن الواقع الموجود باستقلال عنا و تنقله أو
تصوره أعضاء حواسنا في دماغنا .
5 – الحقيقة المطلقة و
الحقيقة النسبية أو بصدد اختيارية إنجلس
التي كشفها بوغدانوف :
" إن الحقيقة و الخطأ
شأنهما شأن جميع المقولات المنطقية المتحركة ضمن حدي التضاد , لا يتسمان بأهمية
مطلقة إلا ضمن حدود ميدان خارق الضيق ,
لقد سبق و رأينا هذا و كان بوسع السيد دوهرينغ أن يعرف هذا لو كان مضطلعا لدرجة ما
على مبادئ الديالكتيك , على مقدماته الأولى التي تتناول على وجه الدقة عدم كفاية
التضادات ذات الحدين، و ما أن نشرع في استعمال الحقيقة و الخطأ خارج حدود الميدان
الضيق أعلاه حتى يصبح هذا التضاد نسبيا و بالتالي غير صالح للأسلوب العلمي الدقيق
للتعبير , أما إذا حاولنا أن نستعمل هذا التضاد خارج حدود الميدان المذكور بوصفه
تضادا مطلقا فإننا نمنى بالإخفاق كليا فإن حدي التضاد تحول كل منهما إلى ضده أي أن
الحقيقة تصبح خطأ و الخطأ يصبح حقيقة " ص 85 35 ضد دوهرينغ .
6 – مقياس الواقع العملي :
يجب ان تكون وجهة نظر الحياة وجهة نظر الواقع وجهة نظر الأولى و الأساسية
في نظرية المعرفة , ووجهة النظر هذه تؤدي
حتما إلى المادية نابذة منذ بادئ بدء الإختلاقات اللامتناهية للأستاذية
السكولاستية و يقينا أنه لا ينبغي أن يغيب عن البال في هذه الحال أن مقياس الواقع
العملي لا يسعه أبدا من حيث جوهر الأمر أن يؤكد أو يدحض كليا أي تصور بشري كان,
وهذا المقياس هو أيضا غير واضح إلى درجة أنه لا يتيح لمعارف الإنسان أن تتحول إلى
مطلق و هو في الوقت نفسه واضح إلى درجة انه يتيح خوض النضال بلا هوادة ضد جميع
أنواع المثالية و اللاعرفانية .
الفصل الثالث : نظرية المعرفة
في المذهب النقدي التجريبي و في المادية الديالكتيكية 0 - 3 :
1 – ما هي المادة ؟ ما هي
التجربة ؟
المادة بالنسبة لأفيناريوس لا توجد إلا بشكل مطلق و ميتافيزيائي خارج الأنا
( أي خارج ارتباطها بالأنا العضو المركزي ) .
ماخ : ما نسميه بالمادة ليس غير الصلة الطبيعية المعروفة بين العناصر
" الإحساسات ".
بيرسون و س ميل : المادة هي إمكانية الإحساس الدائمة .
أما بالنسبة للمادية و بخاصة إنجلس , ماركس , لينين المادة هي ما ينتج
الإحساس , بالتأثير في أعضاء حواسنا , المادة هي المعطى الواقعي لنا في الإحساسات
و في نفس الوقت إعطاء تعريف للمادة بالنسبة للمذهب المادي ليس أكثر من إيعاب مفهوم
معني في مفهوم أوسع مثلا , فلا مفاهيم أوسع من الفكر و الوجود , المادة و الإحساس,
الفيزيائي و النفسي أما مفهوم التجربة فهو أن لا تعريف التجربة على أنها موضوع
للبحث و لا على أنها وسيلة للمعرفة يقرران أي شيء في هذا الموضوع .
في ما يخص التعريف بالتجربة:
حسب معجم لالاند:(للاستئناس)
1- معاناة شيء ما،حيث ان
هذه الواقعة لا تعتبر كظاهرة عابرة،بل كظاهرة توسع الافق الفكري وتغنيه.
2- مجمل التحولات المفيدة التي تحملها الخبرة الى ملكتنا.المكاسب
التي يحققها الفكر من وراء هذه الخبرة،مجمل اشكال التقدم العقلي الناجمة عن الحياة.
3- نظرية المعرفة:دربة الملكات العقلية، باعتبارها تزودالفكر
بالمعارف الصحيحة،التي لا تشتمل عليها طبيعة الفكر وحدها،وبوصفها ذات عارفة.
حسب نظرية المعرفة في المادية
الديالكتيكيةو المذهب النقدي التجريبي:
افيناريوس:
1- معرفة جزء البيئة من
طرف الافراد البشريين الموجودين في علاقة مع هذا الجزء حسب مبدأ الصلة التي لا
تنفصم عراها.
2- التجربة، بوصفها اعلان،
تشكل أجزاء البيئة وحدها مقدمة له،في كل قوامه.
3- التجربة بوصفها حالة خاصة للنفسي بحيث تنقسم الى قيم ملموسة
وفكرية وانها بالمعنى العام تشمل هذه الاخيرة.
بوغدانوف:
1- ان الوعي والتجربة النفسية المباشرة متماثلان اذ المادة ليست
تجربة بل المجهول الذي ينبع منه كل معروف.
2- ان محاولات تخطي حدود التجربة لا تؤدي بالفعل الا الى تجريدات
فارغة وصور متناقضة كانت جميع عناصرها مأخوذة من التجربة ايضا.
ماخ:
1- على المرء ان لا
يتفلسف من نفسه بل ان يأخذ من التجربة.
2- ان ما نلاحظه في
الطبيعة، وان كان غير مفهوم وغير محلل من قبلنا ينطبع في تصورتنا،وهذه التصورات
تقلد فيما بعد،في اعم وأتبت خطوطها،عمليات الطبيعة. ونحن نملك في هذه التجربة
احتياطيا هو دائما في منال يدنا.
انطلاقا من هذه التعاريف يمكن تحديد تعريفين نوعيين للتجربة وذلك حسب
الاتجاهين الاساسين في الفلسفة:
1-تعريف مثالي:
التجربة بوصفها حالة خاصة للنفسي تشمل القيم الفكرية بالمعنى الواسع ومتماثلة مع الوعي.
2- تعريف مادي:
التجربة هي كل ما نلاحظه في الطبيعة وينطبع في تصورتنا،وهذه التصورات تعكس
فيما بعد في اعم واهم خطوطها قوانين وعمليات الطبيعة(الواقع الموضوعي) بحيث تصبح
لدينا امكانية اكبر للتأثير في هذا الواقع.
2- خطأ بليخانوف بصدد مفهوم
التجربة .
يقول بليخانوف في الصفحتين 10 و 11 من مقدمته لكتاب "
لودفيغ فورباخ "( طبعة عام 1905) "يقول كاتب ألماني إن التجربة هي
بالنسبة للمذهب النقدي التجريبي موضوع البحث وحسب , وليست البث وسيلة للمعرفة .
وإذا كان الحال هكذا,فإن معارضة المادية بالمذهب النقدي التجريبي تفقد كل معنى كما
أن المحاكمات بصدد أن المذهب النقدي التجريبي مدعو للحلول محل المادية تغدو فارغة
و باطلة تماما " .
ولكن ها هو فر كارستانيان و هو من أشد أتباع
أفيناريوس يردد حرفيا تقريبا أقوال أفيناريوس الذي يعارض قطعا في " ملاحظاته
", النظرة إلى التجربة بوصفها " وسيلة للمعرفة " , "بمعنى
نظريات المعرفة , النظريات السائدة , الميتافزيائية تماما من حيث الجوهر "
بفهمه للتجربة على أنها ما أعطي لنا , ما نجده . لذلك فإما أن بليخانوف لم "
يقرأ إلى النهاية " كارستانيان و شركائه , وإما أخذ استشهاده" بكاتب
ألماني " من مرجع بعيد جدا عن المصدر .
إن كارستانيان و أفيناريوس يعتبران النظرة
إلى التجربة بوصفها وسيلة للمعرفة نظرة مادية , ويؤكدان على أن ما يقصدانه من
التجربة إنما هو بحثهم عن كل ما " يقوله " الناس بوصفه تجربة .
إذن تحت كلمة التجربة يمكن أن يتستر بلا ريب
الخط المادي و الخط المثالي في الفلسفة , وكذلك الخط الهيومي و الخط الكانطي ,
ولكن لا تعريف التجربة أنها موضوع البحث و لا تعريفها على أنها وسيلة للمعرفة
يقرران بعد أي شيء في هذا المجال . ثم إن ملاحظات كارستانيان ضد فوندت لا تمت هي
أيضا بأية صلة إلى مسألة معارضة المادية بالمذهب النقدي التجريبي .
3 – بصدد السببية و الضرورة
في الطبيعة .
إن المسألة النظرية العرفانية الهامة فعلا التي تفرق بين الاتجاهات
الفلسفية ليست مسألة الدرجة التي بلغتها أوصافنا
للصلات السببية و إمكانية التعبير عن هذه الأوصاف في معادلة رياضية دقيقة ,
بل ما إذا كانت السنة الموضوعية للطبيعة أو خواص عقلنا القدرة على معرفة حقائق
قبلية معينة و ما إلى ذلك هي مصدر معرفتنا
لهذه الصلات و هذا ما يفصل الماديين فيورباخ , ماركس إنجلس بلا مرد عن
اللاعرفانيين الهيوميين أفيناريوس و ماخ .
يقول إنجلس : السبب و المسبب هما تصوران لا يتسمان بأهمية مأخوذة بذاتيهما
, إلا شرط تطبيقها على كل حالة بمفردها ,
ولكن ما ان نبحث هذه الحالة بمفردها في صلتها المشتركة مع الكل العالمي
بمجمله , حتى يتلاقى هذان التصوران و يتشابكان في تصور التفاعل الشامل الذي تتبادل
فيه الأسباب و المسببات أماكنها باستمرار فإن كل ما هو سبب الآن يصبح هناك أو
آنذاك مسببا و العكس بالعكس .
4 – مبدأ الاقتصاد في
التفكير و مسألة " وحدة العالم
"
تعريف الماخيين لمبدأ الإقتصاد في التفكير ينطلق من ان الفلسفة بوصفها
تفكيرا في العالم وفق مبدأ "إنفاق الحد الأدنى من الجهد " يطبق هذا
المبدأ على نحو بحيث يعلن باسم الاقتصاد في التفكير بأن الإحساس وحده موجود .
إذن مبدأ الاقتصاد في التفكير هو محاولة لتمرير المثالية الذاتية , من خلال
إزاحة السبب و الجوهر الذي هو المادة بحيث يصبح الإحساس بلا مادة و الفكر بلا دماغ
/ مبدأ أو وحدة العالم يتجلى في ماديته بالنسبة للماركسية و يتجلى في الفكر
بالنسبة للمثالية فالمثالية تسعى إلى ثبات الطبيعة و الوجود تلبية لمطلب
الهدوء فهي تدافع عن مبدأ الثبات أكثر مما
تدافع عن مبدأ الوحدة .
5 – المكان و الزمان .
إن المادية إذ تعترف بالواقع الموضوعي تعترف بالزمان و المكان كواقعان
موضوعيان مستقلان عن الفكر و ليس مفهومان من إنتاج الفكر كما تدعي المثالية و إذا
تعترف أن المكان و الزمان كتصوران يمكن أن يخضعا للتطور و التغيير كما تخضع له
جميع معارفنا فإنهما كمكان فعلي و زمان
فعلي لا يخضعان لهذا التغيير لأنهما مرتبطان بالواقع الموضوعي ( المادة ) بحيث المكان
هو شكل وجود المادة و الزمان هو شكل حركة المادة .
إنجلس " إن الشكلين الأساسين لكل وجود هما الزمان و المكان إن الوجود
خارج الزمان و المكان سخافة جسيمة مثل
الوجود خارج المكان ".
6 – الحرية و الضرورة :
- يقول إنجلس " إن هيغل هو أول من تفهم بشكل صحيح العلاقة
بين الحرية و الضرورة . فالحرية بنظره هي معرفة الضرورة . (إن الضرورة عمياء ما
دامت غير مفهومة ) فليس في الاستقلال
الموهوم عن قوانين الطبيعة تتجسد الحرية , بل في معرفة هذه القوانين و في
الإمكانية المرتكزة على هذه المعرفة لإجبار قوانين الطبيعة بصورة منهجية على أن
تفعل فعلها من أجل أهداف معينة ...وبالتالي , لا تعني حرية الإرادة سوى القدرة على
اتخاذ القرارات عن معرفة للأمر . وهكذا كلما كانت محاكمة الإنسان بصدد مسألة ما
أوفر حرية كلما تقرر مضمون هذه المحاكمة بقدر أوفر من الضرورة ...إن الحرية تتجسد
في السيادة على أنفسنا بالذات و على الطبيعة الخارجية , هذه السيادة المرتكزة على
معرفة ضرورات الطبيعة ..." (ص 112-113 الطبعة الألمانية )
و على هذه المقدمات العرفانية ترتكز هذه المحاكمة :
أولا : يعترف إنجلس بقوانين
الطبيعة الخارجية , بضرورة الطبيعة .
ثانيا :يأخذ معرفة الإنسان و إرادته – من جهة ,وضرورة الطبيعة – من جهة
أخرى , و عوضا عن أي تعريف , يقول ببساطة أن ضرورة الطبيعة هي الأولى و أن إرادة الإنسان ووعيه هما الثانوي .
ثالثا : لا يشك إنجلس في وجود ( الضرورة العمياء) . وهو يعترف بوجود
الضرورة غير المعروفة من قبل الإنسان .لكن لو أمعن الماخيون النظر لفهموا أن تطور
الوعي لدى كل فرد بمفرده و تطور المعارف الجماعية لعموم البشر تبين تحول ( الضرورة
في ذاتها) إلى ( ضرورة من أجلنا ).
رابعا :يطبق إنجلس (القفزة الحيوية )في الفلسفة ,أي أنه يقوم بقفزة من
النظرية إلى التطبيق. حيث يبين كيف نصبح أسياد الطبيعة متى عرفنا القوانين التي
تتحكم في الطبيعة بإستقلال عنا .
الفصل الرابع
المثاليون الفلسفيون ، بوصفهم انصار المذهب
النقدي التجريبي
تقــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــديم:
بعد الاطلاع على دراسة المذهب النقدي
التجريبي ومقارنته بالماديةالديالكتيكية ، سيتم خلال هذا الفصل النظر اليه في
تطوره التاريخي وفي ترابطه مع الاتجاهات الفلسفية الاخرى، و بخاصة موقف مؤسساه ماخ
و افيناريوس من الدين.
نقد الكانطية من اليســــــــــــــــــار
و من اليميــــــــــــــــــــــــن:
يعترف ماخ انه بدأ مع كانط وسار
على خط هيوم و بركلي . وبذلك يكون قد حدد
بدقة خطه الفلسفي وصنف نفسه الى جانب المثاليين. أماافيناريوس لم يفعل سوى مواصلة خط هيوم وبركلي و اتباعهما
متوهما انه بتطهير المثالية من الكانطية انه توصل الى خلق خط جديد في الفلسفة.
و لم يفعل الماخيون الروس غير ان سلكوا نفس طريق
افيناريوس حين توهموا انهم ينتقدون ماركس و انجلس انطلاقا من انتقاد الشيء في ذاته
البليخانوفي. وهنا يرى رفيق لينين ان ماخي روسيا لم يفهموا قط الكانطية والفلسفة الألمانية
الكلاسيكية.
هنا يقول الرفيق لينين لمن لايعرف
الكانطية ان السمة الاساسية التي تختص بها الكانطية هي التوفيق بين المادية و
المثالية و المساومة بين هذه وتلك، الجمع في نظام واحد بين اتجاهات فلسفية
مختلفة متضادة. فحينما يعترف كانط بان
تصورتنا هي نتاج شيء ما خارج عنا تعكسه حواسنا فهو مادي وحينما يعترف ان هذا الشي
لا تمكن معرفته و بانه غيبي فهو مثالي و بسبب هذا التذبذب ناضل ضد كانط بلا رحمة
ولا هوادة كل من الماديين و المثاليين ويقارن الرفيق لينين نقد الماخيين لكانط
بنقد بوريشكيفيتش للكاديت حيث ان هذا الاخير ينتقد الكاديت لانهم ديموقراطيون اكثر
من اللازم بينما ينتقدهم الماركسيين لانهم ديموقراطيون اقل من اللازم.وهكذا ينتقد
الماخييون كانط على انه مادي اكثر من اللازوم وينتقده الماركسيون على انه مادي اقل
من اللزوم ,ان الماخيين ينتقدون كانط من اليمين ونحن من اليسار على حد قول الرفيق
لينين.
بصدد سخـــــــــــــــــــر
الرمزي التجريبي يوشكيفيتش من النقدي التجريبي تشيرنوف:
يسخر يوشكفيتش من تشيرنوف لان هذا الاخير يجعل
من الوضعي اللاعرفاني مخايلوفسكي نصير كل من كونط و سبينسر, واصفا يوشكفيتش بفوروشلوف
الذي يستر جهله بمجموعة من الكلمات و الأسماء العلمية و بهذا الصدد يقول الرفيق لينين
: حينما يعارض المرء الماخية باللاعرفانية على العموم بينما ماخ نفسه يعترف بانه
من انصار هيوم فان هذا يعني انه امي كليا على الصعيد الفلسفي ان الماركسية لا تميزبين
وضعي و اخر بل تنبذ كل ما يجمع بينهما ما يجعل من الفيلسوف وضعيا وليس ماديا وكل
هذه التفهات و السفاسف احتاجها يوشكفيتش ليصرف نظر القارئ عن جوهر القضية الذي يتلخص
في الفرق الجذري بين المادية و كل تيار الوضعية الواسع الذي يضم في داخله كونط
وسبنسر ومخايلفسكي وعدد من الكانطيين الجدد وماخ وافيناريوس سواء بسواء.
الكمونيـــــــــــــــــــــون باعتبارهم انصـــــــــــــــــــار مـــــاخ
و افينــــــــــــاريوس:
الكمونية فلسفة مثالية ذاتية
مهمتها الدفاع عن الايمانية و دحض المادية وبالتالي هي فلسفة رجعية مغرقة في
الظلامية تحاول ايجاد تبرير للايمانية بواسطة معطيات العلم. أهم رواد هذه الفلسفة
هم شوبه- ليكلر- رمكه- شوبرت زولدرن. تتقارب نظرات هؤلاء الفلاسفة مع نظرات مؤسسي
المذهب النقدي التجريبي بحيث يعتبر بتسولدت مؤسسي المذهب النقدي التجريبي ان شوبه
احد زعماء هذا المذهب.
اما ماخيي روسيا فقد اتسم موقفهم بالتذبذب لانهم
يخافون قول الحقيقة.
الــــــــــــــــــــــــــى
اين ينمــــــــــــــو المذهب النقدي التجريبــــــــــــــــــــــي؟
يقول الرفيق لينين ان فلسفة ماخ وافيناريوس
خليط ومجموعة من موضوعات عرفانية متناقضة وغير مترابطة.اذن الى اين وكيف تنمو هذه
الفلسفة وفي اي اتجاه؟
بما انه يقول الرفيق لينين
المذهب النقدي التجريبي مثله مثل كل تيار فكري انما هو شيء حي ، متنام متطور...وهذا
ما سيجعلنا نحل المسالة الاساسية مسالة جوهر هذه القضية. يضيف الرفيق لينين بحيث لا
يحكمون على الناس بموجب ما يقولونه، او يظنونه عن انفسهم، بل بموجب ما يقومون به
من افعال. وعلى الفلاسفة يجب الحكم لا بموجب اللافتات التي يطلقونها على انفسهم بل
بموجب ما يلي :كيف يحلون فعلا المسائل النظرية الاساسية مع من يمشون يد بيد؟ ماذا
يعلمون وماذا علموا تلامذتهم و اتباعهم. يتابع الرفيق لينين.
وعليه نسوق بعض الامثلة عن تلامذة
واتباع ماخ وافيناريوس:
هانس كورتيلوس، تلميذ ماخ ومواصل اعماله ينكر
المثالية والمادية ويؤمن بخلود الله. هانس كلينبيتر،مثالي اوصى به ماخ في مؤلفه
المعرفة والظلال وهو يقول يمكنني ان اوافق عليه في كل ما هو جوهري. ت.تسيهن يذكره ماخ في مؤلفه تحليل
الاحساسات بانه يسلك ان لم يكن السبل نفسها فسبلا قريبة جدا .اما المثالي
الانجليزي وليام كيافورد الذي يعتبره ماخ قريب جدا من فلسفته تحليل الاحساسات فانه
يتعين اعتباره معلما لماخ و ليس تلميذا له. كما يشير ماخ للفيلسوف الامريكي كاروس
الذي اقترب من البوذية ومن الماخية المحرر في مجلة مونيست المكرسة للفلسفة و المنبر المفتوح المكرسة
للدعوة والدين ..الخ والقائمة طويلة.
خلاصـــــــــة:
ان الفلسفة التي انطلقت من
مجموعةمن النظرات المختلفة والمتناقضة وكما اتبتت الوقائع التاريخية الخالدة على
حد تعبير رفيق لينين تتستر بالترهات والسفسطات لتخفي جوهرها المثالي السوليبسي
احيانا او الذهاب الى حد الايمانية في احيان اخرى.
احاديـــــــــــــــــــة أ. بوغدانوف
التجريبيـــــــــــــــــة:
ما معنى الاحادية؟ الاحادية المثالية تعني
وجود الاحساسات ولا شيء غير الاحساسات(السوليبسيسم) والاحادية المادية تعني
الاعتراف بالمادة (المادية الميكانيكية :يفرز الدماغ الفكر كما تفرز الكبد
الصفراء)اما الاحادية التجريبية فهي تعتبر ان كل شيء يخضع للتجربة المنظمة
اجتماعيا سواء اكان مادياام مثاليا،فزيائيا ام نفسيا.
لنتعرف الان على بوغدانوف الفيلسوف وجوهر
احاديته التجريبية ووجهة نظر الرفيق لينين من كل ذلك:
ينطلق الرفيق لينين من مقاطع من مؤلفات بوغدانوف
الذي يرغب في ان يصنفوه ماركسيا ،ليثبت (يعني الرفيق لينين)مثاليته ويدحض بالتالي
زعمه ان لا فرق بين نظراته و نظرات انجلس.
لنبدأ بالمقطع الاول من المؤلف "الاحادية
التجريبية" المجلد 3 الصفحة 12، في هذا المقطع يتهكم بوغدانوف ويصف صيغة
انجلس دون ذكر اسمه طبعا ب"المقدسة" صيغة انجلس التي تقول بأولوية
المادة وثنائيةالروح ، حيث يدعي بوغدانوف انه يتجاوب معها كليا.لكن الوقائع في نفس
المقطع تقول عكس ذلك؛يعتبر بوغدانوف كل ما هو موجود بمثابة سلسلة متواصلة من
التطور ويضع الترتيب التالي:
- عماء "العناصر"(الاحساسات)
كما سبق وعرفنا.
- تجربة الناس النفسية(الانسان
مجموعة من الانفعالات المباشرة في مقطع اخر من نفس المؤلف).
- تجربة الناس الفيزيائية
(الانسان كجسد كما يظهر للناس الاخرين)
- المعرفة الناشئة من تجربة الناس الفزيائية.
مما سبق يستنتج الرفيق لينين ان الاولي عند
بوغدانوف هو النفس الروح الفكرة.ثم يليها الفزيائي،المادة .الوجود وبعد ذاك معرفة الناس الطبيعية وهذا هو جوهر كل فلسفة
مثالية.حيث يقول الرفيق لينين: «فان كنه المثالية يكمن في اعتبار النفسي نقطة
الانطلاق الاولية، ومنه تشتق الطبيعة، ثم بعد ذلك يشتق من الطبيعة الوعي البشري العادي".
يستطرد الرفيق لينين :"ولهذا يغدوا هذا النفسي الاولي الانطلاقي دائما تجريدا
ميتا يستر اللاهوت المميع.ويخلص الرفيق لينين في الصفحة268 من الترجمة العربية
الى: "وما بوغدانوف غير مظهر من مظاهر تلك "التجربة المنظمة
اجتماعيا" التي تشهد على صيرورة الماخية الى المثالية.
وختاما يقول الرفيق لينين ان
بوغدانوف:"الذي قطع اربعة اطوار في تيهانه الفلسفي "يسير عبر خط متقوس
من 180 درجة.بدأ مادياويظهر ذلك في مؤلفه"العناصر الاساسية في النظرة التاريخية
الى الطبيعة"ثم لاعرفانيا ويتجلى ذلك في "نظرية الطاقة وبعد ذلك تجريبيا
ماخيا ويتجلى ذلك في مؤلفه"التجربة
الاحادية" واخيرا مثاليا موضوعيا وذلك في "نظرية التبديل العام".
وعليه يستنتج الرفيق لينين "...اذ تلزمه الان خطوة جديدة واحدة فقط ليستدير
من جديد صوب المادية"
نظرية الرمـــــــــــــــوز او الهيروغليفــــــــــــــات
و نقــــــد هلمهولتز
تعتبر نظرية الرموز او الهيروغليفات" ان
الاحساسات هي مجرد رموز ،هيروغليفات، علامات اعتباطية ما مفصولة عن الاشياء
المعنية المختلفة تماما،..."لقد اعتبرت الاحساسات رموزا للظاهرات الخارجية،
وقد رفضت كل تشبيه لها بالأشياء التي تمثلها ". هكذا يقول هلمهولتز في مؤلفه
علم البصريات الفيزيولوجية.
اذن لنكتشف مع الرفيق لينين نصفية هذه النظرية
وخطأ بلخا نوف وتشوش بزروف.
يفضح الرفيق لينين الماخي بزروف الذي ينتقد
نظرية الرموز البلخانوفية مستغلا خطأ بليخانوف ليس لصالح المادية غير الهروغليفية
بل ليتستر تحت هذا النقد لإنكار المادية.
ولتوضيح خطأ بليخانوف (الناتج عن تبنيه لنظرية
غير منسجمة) ومكر بازا روف في التشوش على
النظرات المادية المنسجمة يدلل الرفيق لينين الاشكال بعرض مقاطع لصاحب "نظرية
الرموز"الفيلسوف و عالم الطبيعة الكبير هلمهولتز وخاصة من مؤلفه اعلاه، حيت
ان هلمهولتز مادي عندما يقول:"ان مفاهيمنا وتصورتنا هي ردود فعل تستثيرها في
نظامنا العصبي وفي ادراكنا اشياء نرها او نتصورها". وهلمهولتز مثالي ذاتي
عندما يقول:"لامعنى البتة للتحدث عن حقيقة تصورتنا الابمعنى الحقيقة العملية.
ان التصورات التي نكونها عن الاشياء لايمكن ان تكون سوى رموز،سوى علامات طبيعية لأجل
المواضيع ..." وهلمهولتز كانطي عندما يفصل بين الفكرة والواقع:"...ان
الفكرة والموضوع الذي تمثله يعودان في اغلب الظن الى عالمين مختلفين تماما.."
وعلى هذا الاساس تعرض هلمهولتز الى نقد حاد
وبدون هوادة لا من طرف اليسار الذي رأى
فيه ماديا أقل من اللزوم بل من طرف اليمين الذي رأى فيه ماديا اكثر من اللزوم.
بصـــــــــدد نقـــــــــــد دوهر
ينع المزدوج:
بعد الحديث عن بوغدانوف و بازاروف سابقا
والذين شأنهما كشأن كل الماخيين الروس
والذين يرغبون في ان يكونوا ماركسيين، لكنهم يتصيدون ابسط اعوجاج في
الماركسية لا لأن يصلحوا ويطوروا
الماركسية كما فعل ماركس و انجلس وديتزغن مع مادي القرن 18 ،بل للتشويش على النظرات
الماركسية ودحض المادية.
وفلنتينوف الذي لم يكن اكثر حظا
للإفلات من تقريع الرفيق لينين؛حاول بدوره النيل من الماركسية وذلك بمطابقة
ماركسية بليخانوف مع مادية بوخنر. لكن الرفيق لينين يوضح ان بليخانوف مادي ماركسي
اما فيما يخص بوخنر فقد اكد الرفيق لينين رأي انجلس فيه وفي كل مادي القرن 18 حيت قال انجلس انهم ظلوا حابسي ثلاث
محدوديات:1- المادية الميكانيكية،2- النظرة المتافيزيائية،3- التحليل المثالي
للتاريخ.وعن هذا كله قال الرفيق لينين الخلاصة الاتية: "وقد احتاج اصحابنا
الماخييين الى تشويش المسائل لكي يظهروا قطيعتهم مع الماركسية وانتقالهم الى جانب
الفلسفة البرجوازية بمظهر تعديلات خفيفة".
اما فيما يخص اتنقاد دوهر ينغ يعني به الرفيق لينين انه انتقد من اليسار من
طرف ماركس وانجلس وجوزيف ديتزغن.
لمـــــــــــــــــــــاذا اعجــــــب الفلاسفة المثاليــــــــون بالمادي
جوزيف ديتزغن؟
لقد اتسمت جل نظرات ج. ديتزغن، العامل البسيط
دباغ الجلود،بانتمائها الى معسكر الماديين ويتجلى ذلك في استنتاجاته حول المسألة
الجذرية اي اولوية المادة وثانوية الروح. حيتيقول: «آن الفكر وظيفة الدماغ"
في مؤلفه "جوهر عمل الرأس"، «الفكر نتاج عمل الدماغ...ان مكتبي بوصفه
مضمون فكري،يتطابق مع هذا الفكر لا يختلف عنه ولكن هذا المكتب خارج راسي،هو موضوعه
المختلف تماما عنه". ص53 من نفس المؤلف المذكور. ويقول كذلك
ج.ديتزغن:"ان الحقيقة البسيطة العلمية لا ترتكز على الفرد،فان اسسها تقع فيالخارج
(اي خارج الفرد) في مادتها و هي حقيقة موضوعية... نحن نسمي انفسنا بالماديين... ان
الماديين الفلسفيين يتصفون بكونهم يضعون العالم الجسماني في البداية في الطليعةبينما
يعتبرون الفكرة او الروح عاقبة،في حين ان الخصوم يستخلصون الاشياء من الكلمة على
طريقة الدين...يستخلصون العالم المادي من الفكرة".
لكن ج.ديتزغن ومن خلال معرض
افكاره وتحليلاته سرعان ما تختلط عليه الامور ويذهب الى حد تبني بعض الأفكار
المثالية مثل ان يقول. «كان بوسعنا ان نسمي انفسنا بالمثاليين،بالقدر نفسه من
الحق،لان نظامنا يرتكز على النتيجة الاجمالية للفلسفة،على دراسة الفكرة دراسة
علمية،على الفهم الواضح للطبيعة،للروح".ص63 وعلى هذا يصف الماديين المنسجمين
نظرات المادي ج.ديتزغن بالتشوش فحين ينطلق الفلاسفة المثاليين من هذا التشوش
لتحييده ومحاولة وصف نظراته بالمثالية وجره الى المستنقع اي من المادية عبر
الماخية الى المثالية.
خلاصـــــــــــــــــة:
في الفصول
السابقة تمت دراسة جل القضايا الفلسفية الاساسية؛المادة،الحقيقة،الحرية، السببية،
النسبية،الزمكان،الوعي...الى آخ وكذا تبيان الفرق الجذري بين وجهة النظر المادية
ووجهة النظر المثالية من هذه القضايا خاصة المسالة الأساس المتعلقة بأولوية المادة
او الفكر.
في هذا الفصل
وبناء على مجموعة من الوقائع التاريخية الموضوعية،يكشف الرفيق لينين وجه التحريفية
الجديدة المتعفن والمتخفية وراء الادعاءات الكاذبة(الانتماء الى الماركسية) والاختلاقات
الكلامية الحقيرة(اكتشاف خط جديد لتطوير الماركسية او ربما تجاوزها حتى) حاجبة
بهذا كله مضمون وجوهر فلسفتها الرجعي الظلامي الذي، في حقيقة الامر،يسعى الى دحض
اي فكرة مادية او على الاقل وضعها موضع شك.وكذلك خطها السياسي البرجوازي الذي يسعى الى تبرير استغلال الطبقة
العاملة وعموم الكادحين واجبارهم على انتاج الخيرات في ظروف اجتماعية اشبه في كثير
من الاحيان بظروف المجتمع العبودي.
الفصل الخامس
الثــــــــــورة الحديثة في علــــــــم
الطبيعيات والمثالية الفلسفية:
تقــــــــــــــــــــديم:
ينطلق رفيق لينين من وجهة نظر المادية
العادية (الديالكتيك) والمطروحة بوضوح في مقالة جوزيف دينه- ديهس"الماركسية
والثورة الحديثة في علم الطبيعيات"ليثبت تطابق الاستنتاجات العرفانية المادية
واكتشافات العلوم الحديثة كما يعرض رفيق لينين انطلاقا من هذه المقالة المذكورة تدعيم معطيات العلوم الطبيعية( اشعة ، اشعة بكيريل، الراديوم، انشطار اجزاء من
المادة كانت تعتبر مستحيلة الانشطار والانقسام...) لمقولات انجاس:"لا توجد في
الطبيعة اي متضادات مستعصية..." كما تنحصر جميع قوى الطبيعة في قوة
واحدة(الحركة) تؤول جميع مواد الطبيعة الى مادة واحدة". ومنه تأكيد المقولات
الاتية:الحركة هي شكل وجود المادة". "الطبيعة مثلها مثل التاريخ تخضع
لقانون الحركة؛الديالكتيكي".
اما وجهة النظر الاخرى( الماخية
على الخصوص) فلا تخلو من استشهادات متحذلقة بالفيزياء الجديدة التي دحضت المادية
ولهذا يؤكد رفيق لينين على انتقاد استنتاجاتها العرفانية المتعلقة بالعلوم الطبيعية وليس فقط انتقاد
خطها الفلسفي المثالي فقط كما يفعل بلخانوف على حد تعبير الرفيق لينين.
ويؤكد رفيق لينين كما سبق وان
اكد انجلس ان تغييرشكل المادية ضروري عند كل اكتشاف علمي ولا يعتبر ذلك تحريفا.لكن
التحريف هو التستر تحت تطوير الماركسية من اجل ادخال موضوعات برجوازية اي خيانة
كنه المادية تحت ستار نقد شكلها.
وفي نهاية المقدمة يثير
انتباهنا رفيق لينين ان ما يهم هو الاستنتاجات العرفانية عن تعاليم الفيزياء
المختصة وليس هذه الاخيرة لان تلك الاستنتاجات العرفانية وحدها ما يجعل الفزيائيين
ينقسمون الى اتجاهات ومدارس.. ومهمة التحليل المادي تبيان كنه هذه الاستنتاجات
وتحديد علاقة كل منها بالاتجاهين الاساسين في الفلسفة.
ازمــــــــــة الفيـــــــــــــــــزياء
المعاصرة :
ينطلق رفيق لينين من استنتاجين اساسين عند
الفيزيائي الفرنسي هنري بوانكاره مفادهما:
تقويض مبدأ بقاء الطاقة والذي يفضي الى تقويض
باقي المبادئ الاخرى.
تقويض مبدأ لافوازيه أي مبدأ
بقاء الكتلة والذي قوضته النظرية الالكترونية بشأن المادة (كتلة الالكترون الفعلية
تساوي 0) .
ومنه يخلص بوانكاره إلى أن
الكتلة تزول وتتقوض اسس الميكانيك ويتقوض مبدأ نيوتن وتتقوض المساواة بين الفعل
ورد الفعل .
لكن بوانكاره يتحفظ بالقول ان جميع الاستثناءات
عن المبادئ تتعلق بمقادير متناهية الصغر ومن الممكن اننا لا نعرف بعد مقادير اخرى
متناهيةالصغر تقاوم تقويض المبادئ القديمة.
ويقول رفيق لينين ان بوانكاره ر
بالرغم من توصله الى بعض الاستنتاجات المثالية عن الاكتشافات العلمية
لا يهتم بالفلسفة نوعا.
ولأجل توضيح هذه النظرات بشكل
دقيق يستشهد رفيق لينين بالفيلسوف الفرنسي ابل ري والذي يمكن اجمال نظراته
الفلسفية فيما يلبي:
يقول المؤلف في كتابه نظرية
عندالفزيائيينالمعاصرين" ."فمعرض مناقشة حدودالمعارف الفزيائية وقيمتها
ينقدون منحيت الجوهر شرعية العلم الايجابي وامكانية معرفة الموضوع".
"كان الفيزيائيون يؤمنون بالتفسير الميكانيكي الصرف للطبيعة...ولم يختلفوا
الا فيما يخص حصر الفيزياء في الميكانيك،اي في تفاصيل النزعة الميكانيكية".
في هذين المقطعين يقر ري ان الفيزيائيين في ما
سبق كانوا متفقين على تبني النظرة المادية في تحليل الواقع اي امكانية معرفة
الواقع الموضوعي. لكنهمبعد الاكتشافات الجديدة اختلفوا في الجوهر وليس في المسائل
الثانوية. حيث افلاس الفيزياء الميكانيكية ادى الى افلاس الميكانيكية التقليدية(اي
المادية) حسب وجهة نظر ري ،ومنه تقويض دور المعرفة كانعكاس لهذا الواقع في وعينا وكأداة
لمعرفة هذا الواقع واصبح دور العلم من وجهة نظر هذه رموزا وعلامات واشارات لأجل
النشاط العملي ومنه انكار امكانية معرفة الواقع الموضوعي .ويفهم من كلام ري
انالايمانية استعملت هذه الازمة في الفيزياء وزادت الامور شدة وتفاقما.
ويمكن القول ان هذا ما يقع دائما في اللحظات
المظلمة من تاريخ تطور البشرية،بحيث يخلي العلم المكان لترهات وسفسطة المشعوذين.
المـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــادة
زالت:
هذه المسألة يمكن تناولها حسب التسلسل
الاتي:
اكتشافات الفزيائيين المعاصرين و
استنتاجاتهم:
الذرة تفقد ماديتها ،المادة
تزول" لويس هولفيغ.
النظرية الالكترونية هي نظرية
الكهرباء اكثر منها نظرية المادة و حسب" أغست ريغي.
استنتاجات التحريفيين الماخيين العرفانية:
ان القول بان التفسير العلمي للعالم
يحصل على تحليل راسخ في المادية فقط ، ليس اكثر من اختلاق زد على ذلك انه اختلاق سخيف". فالنتينوف.
العالم المادي هو مجموعة من
المدركات الحسية " كارل بيرسون. ويرسم بيرسون موديلنا الادراكي للعالم
الفزيائي كالتالي: الجسم الدقيقة الجزيئة الذرة الكيماوية الذرة الاولى الأثير...
التحليل الدياليكتيكي:
ان زوال المادة الذي يتحدثالفيزيائيون
عنه لا يمت باي صلة الى التمييز العرفاني بين المادية والمثالية وذلك ان المثالية
والمادية تختلفان في مسألة مصدر معارفنا،مسألة علاقة المعرفة بالعالم الفيزيائي
،فحين ان مسألة بنيان المادة، مسألة الذرات والالكترونات هي مسألة تتعلق بالعالم
الفزيائي وحده.
حينما يقول الفيزيائيون عن
المادة تزول فانهم يقصدون ان المادة الظاهرة تتحول الى الاثير .المادة تزول يعني
انه يزول ذلك الحد الذي كنا نعرف المادة اليه حتى الان وان معرفتنا تمضي الى اعمق،
كذلك تزول خواص المادة التي كانت تبدو من قبل مطلقة،ثابتة ،اولية،(اللانفاذية،
الجمود الكتلة، وخلافها...).
ان الخاصة الوحيدة للمادة التي
ترتبط المادية الفلسفية بالاعتراف بها انما هي خاصة ان تكون واقعية موضوعية ان
توجد خارج وعينا. ان الاعتراف بعناصر ما ثابتة لا تتغير بجوهر الاشياء الذي لا
يتغير وما الى ذلك ليس المادية بل هو
مادية ميتا فيزيائية اي منافية للديالكتيك ولطرح المسألة من وجهة النظر الصحيحة
الوحيدة اي من وجهة نظر المادية الديالكتيكية ،يجب ان نسأل،اتوجد الالكترونات والاثير
وما الى ذلك خارج الوعي البشري بوصفها واقعية موضوعية ام لا؟ عن هذا السؤال سيتعين
على علماء الطبيعيات ان يجيبون وهم يجيبون دائما وبلا تردد ،اجل،كما يعترفون كذلك
وبلا تردد بوجود الطبيعة قبل وجود الانسان وقبل المادة العضوية.وبذلك تحل المسألة
في صالح المادية لان مفهوم المادة لايعني ،وكما سبق وقلنا،لايعني من الناحية
العرفانية اي شيء سوى الواقعية الموضوعية الموجودة بصورة مستقلة عن الوعي الانساني
والتي يعكسها هذا الوعي.
ولكن المادية الديالكتيكية تلح على الطابع
التقريبي النسبي لكل موضوعة علمية عن بنية المادة وخواصها، على انعدام الحدود
المطلقة في الطبيعة ،على تحول المادة المتحركة من حالة الى اخرى متنافية معها،على
الارجح،من وجهة نظرنا...". رفيقلينين
هـــــــــــــــــل تمكن الحـــــــركة
بدون المــــــــــــــــــــــــادة؟
اذا كان استغلال الاكتشافات الفيزيائية والنقص
في الفهم المادي الميكانيكي للعلم جعل التحريفية تتغنى بتقويض المبادئ
الاساسية للمادية(اي وجهة النظر العرفانية
التي تعترف بالواقع الموضوعي المستقل عنا والذي تعكسه حواسنا في دماغنا) فهي
تتمادى في استنتاجاتها في الحقيقة(اختلاقتها) لدحض وجود المادة(المادة زالت)
واعتبار العلم حركة بدون مادة.
اذن كيف يبرر التحريفيون اختلاقاتهم وظلاميتهم ؟
وكيف يقرع رفيق لينين هؤلاء التحريفيون الجدد ويتبت من جديد(مسترشدا بنظرات انجلس
السديدة وافكار ديتزغن التقدمية ) ان مصير اصحاب انصاف النظريات والجمل الانشائية
هو المثالية والروحانية وليس الفلسفة المادية والعلم.
يقول الماخي الانجليزي كارل بيرسون :"جميع
الاشياء تتحرك لكن في الذهن فقط(ترجمة انجليزية) في ميدان المدركات لاجدوى من
السؤال(ترجمة انجليزية) عما يتحرك ولماذا يتحرك".قواعد العلم ص243 المعرب
ويكتب بوغدانوف في عام 1899 يقول:لقد سبق وان قلنا
ان القرن 19 لم يفلح في البت في مسألة"جوهر الاشياء" الذي لا يتغير".ان
هذا الجوهر يضطلع بدور بارز في عقائد اكثر مفكري القرن تقدما تحت اسم
المادة..."العناصر الاساسية للنظرة التاريخية الى الطبيعة ص38
"...لايزالون يميزون عادة
في عمليات الطبيعة جانبين:المادة وحركتها فلا يمكن القول ان مفهوم المادة يتميز
بوضوح كبير.وعن السؤال عن ما هي المادة،ليس من السهل اعطاء جواب مرض،يعرفون المادة
على انها سبب الاحساسات او على انها الامكانية الدائمة للإحساسات ؛ولكنه من الجلي
ان المادة مخلوطة هنا مع الحركة..." يعلق بوغدانوف
"...ولكن لابد ان يكون
للطاقة حامل.هكذا يقول انصار المادة"ولماذا"يسال اوتسفالد بصورة
معقولة."فهل الطبيعة ملزمة بان تتألف من مبتدأ وخبر؟"ص39 بوغدانوف
يقول اوتسفالد في مؤلفه
"محاضرات في فلسفة الطبيعة"انه"يعتبر مكسبا هائلا اذا أزيلت
الصعوبة القديمة.كيف الجمع بين مفهومي المادة والروح- بصورة بسيطة وطبيعية بحصر
هذين المفهومين في مفهوم الطاقة".
"ان الحركة مستحيلة بدون
المادة"هكذا يجزم انجلس .
"يريد المثاليون العام
بدون الخاص،الروح بدون المادة،القوة بدون الشيء ،العلم بدون التجربة او بدون المادة، المطلق بدون النسبي".ص108
يضيف .ج.ديتزغن
"لنتصور مثاليا منسجما يتبنى،مثلا،وجهة
النظر القائلة ان العالم كله هو احساسه او تصوره،والخ(اذا اخذنا احساسا اوتصورا
لايخص احدا،فمن جراء ذلك يتغير مجرد نوع المثالية لكن جوهرها لن يتغير).ان هذا
المثالي لن ينكر أبدا ان العالم هو حركة،اي بالضبط : حركة حركة افكاره وتصوراته
واحساساته،اما مسألة ما يتحرك،فان المثالي ينبذها ويعتبرها سخيفة ويقول:تتعاقب
احساساتي وتزول وتظهر التصورات، وهذا كل ما في الامر.ولا شيءخارج عني يتحرك
وكفى" ولايمكن تصور تفكير اكثر اقتصادا ". ولايمكن دحض السوليبسي بأية
براهين وقياسات وتعريفات اذا كان يطبق نظرته بانسجام.
ان الفرق الاساس بين المادي ونصير الفلسفة
المثالية يتجسد في اعتبار احساس الانسان،ادراكه،تصوره، ووعيه على العموم صورة عن
الواقع الموضوعي .فان العالم هو حركة هذا الواقع الموضوعي الذي يعكسه وعينا وحركة
التصورات والمدركات،والخ،تناسبها حركة المادة خارجا عني.ان مفهوم المادة لايعبر عن
شيء سوى الواقع الموضوعي المعطى لنا في الاحساس.ولهذا يعني فصل الحركة عن
المادة،فصل التفكير عن الواقع الموضوعي فصل احساساتي عن العالم الخارجي، اي
الانتقال الى جانب المثالية.رفيق لينين
اتجاهان في الفيزياء المعاصرة والمذهب الروحاني البريطاني:
بعد ان عرض رفيق لينين الاستنتاجات العرفانية
الناتجة عن الاكتشافات العلمية المعاصرة وحدد بدقة ميولها الى هذا الاتجاه او ذاك
من الاتجاهين الاساسين .فها هو يعزز ذلك بأمثلة حية من الواقع الموضوعي وذلك بإعطاء اسماء علماء طبيعيات وفلاسفة
ينتمون الى هذا المعسكر او ذاك.
يعرض رفيق لينين هنا نظرات كل من الفيزيائي
ارتورريكر والفيلسوف جمس ورد ،حيت الاول يذود عن اتجاه من وجهة نظر العلوم الطبيعية
والثاني يذود عن اتجاه من وجهة نظر علم العرفان.
اليكم كنه موقف ارتورريكر:"ان نظرية
الفيزياء هي نسخة(ادق فأدق) عن الواقع الموضوعي.والعالم هو مادة متحركة نعرفها
بشكل أعمق فأعمق".
ان عدم دقة فلسفة ريكر نابع من الدفاع غير
الالزامي عن النظرية"الميكانيكية" (ولما لا النظرية الكهرومغناطيسية) لحركة
الاثير ومن عدم فهم العلاقة بين الحقيقة المطلقة والحقيقة النسبية . ولاينقص هذا
الفزيائي غير الديالكتيك ".رفيق لينين.
جدال رفيق لينين مع جمس ورد :
"المذهب الطبيعي ليس علما،النظرية الميكانيكية
عن الطبيعة والتي تشكل اساسا له ليست ايضا علما...وليس هناك خطر الخلط بين العلوم
الطبيعية والفلسفة ذات الاتجاه المثالي اوالروحاني.لان هذه الفلسفة تشمل بالضرورة
نقد المقدمات العرفانية التي يصنعها العلم عن غير وعي...". ورد
"صحيح فان العلوم الطبيعية تسلم عن غير
وعي بأن تعاليمها تعكس الواقع الموضوعي وهذه الفلسفة وحدها توافق العلوم الطبيعية".
رفيق لينين
"...ولكن الحال يختلف فيما يخص المذهب
الطبيعي الذي هو طاهر الذيل مثله مثل المادية،هو،بالفعل مجرد الفيزياء المنظور
اليها كما الي الميتافيزياء..."ورد
"المادي ينظر الى الفيزياء كما ينظر الى الميتافيزيقا
،حجة معروفة.الاعتراف بالواقع الموضوعي خارج الانسان ينعته بالميتافيزيقا .الروحانيون
و يلتقون مع الكانطيين والهيوميين في توجيه مثل هذه الملامات الى المادية وهذا
مفهوم.بدون تنحية الوقائع الموضوعية للأشياء والاجسام والمواضيع المعروفة للجميع
ولكل فرد لايمكن تمهيد الطريق أمام"المفاهيم الواقعية "بروح رمكه" .
رفيق لينين
للاطلاع اكثر على هذا الجدال
الشيق والهام انظر ص 323 و324و325و356 و327 و328 و329 من الطبعة العربية،دار
التقدم موسكو.
- اتجاهان في الفيزياء المعاصرة و المثالية الألمانية :
يدافع "غرمن كوهن
"كغيره من الكانطيين على أن التحولات الجديدة التي تعرفها الفيزياء ستصب في
تحول المادة إلى قوة .واصفا ميل هذه الفلسفة ,فلسفة (ماخ و بوانكاره)و غيرهما إلى
المثالية ومعتز بهذا الانتصار الذي ستحققه المثالية على حساب المادية و الناتج
كذلك على الانقلاب (العظيم) الذي أدخله الكهرباء في فهم المادة .
بينما يرى إدوارد هارتمان إن
هناك ثلاث أنظمة عرفانية تقوم في أساس الفيزياء الحديثة هي :الهيلوكينيتيكا (
المادة / الحركة )أي اعتبار الظاهرات الفيزيائية حركة المادة ) ثم مذهب الطاقة ثم
الحركية ( أي الاعتراف بالقوة بدون المادة) )
و إذا كان يدافع عن الحركية
فإنه في الوقت نفسه يقول عن القسم الأكبر من الفلاسفة ( الفيزيائين ) هم من أنصار
الهيلوكينتيكا ويعتبر مذهب الطاقة مذهب متوسط ويسميه باللاعرفاني ويخلص إلى استنتاج
أساسي هو الذي يدعو فيه الفيزيائيين إما أن يكونوا ماديين أو تبديل الطبيعة
الفيزيائية كلها بالنفسي تبديلا .
في النهاية يتأكد بألمانيا كما
اعترف به بالنسبة للبريطاني الروحاني جيمس ورد ,ونعني بذلك أن فيزيائي المدرسة
الواقعية يصنفون وقائع و اكتشافات السنوات الأخيرة بقدر من التوفيق لا يقل عن
القدر الذي يصنفها به فيزيائيو المدرسة الرمزية و أن الفرق الجوهري يتلخص في وجهة
النظر العرفانية "فقط".
اتجاهان في الفيزياء
المـــعــــــــــاصرة و
الإيـــــــــمانية الـــــــــفرنسية:6-
لقد واجه بونكاره هنري (كتاب الميكانيك)
وفلسفة ماخ في شخص أحد المدافعين على هذه الفلسفة في فرنسا و هو ليروا بنقد هذه
التذبذبات في الفلسفة الماخية حيث كتب يقول ( إن السيد ليروا لا يعلن العقل عاجزا
بشكل لا مراد له إلا لكي يخصص مكانا أوسع لأجل المصادر الأخرى للمعرفة لأجل القلب
و الشعور و الغريزة و الإيمان ) ويرى هنري بوانكاره انه لا يكفي الاستشهاد بالواقع
العملي ضد ليروا فينتقل إلى مسألة موضوعية العلم . لكن ما إن يبدأ في توضيح
موضوعية العلم حتى يبين عن مضمون هذه الفلسفة و هذه النظرية التي يدافع عنها و
التي ليست في الحقيقة إلا رمزية تجريبية حديثة إليكم ما يقوله في كتابه قيمة العلم
( كل ما ليس فكر هو عدم صرف , لأنه لا يسعنا أن نخلق بالفكر شيئا غير الفكر)
في المقابل يحاول الوضعي
"ا. ري " جاهدا دحض الماخية في مجال تعريف التجربة لكن كيف يمكن أن
يدافع عن المفاهيمية بالقضاء على المفاهيمية فرغم اعترافه بالفرق بين الاتجاهين في
الفيزياء المعاصرة , حاول جاهدا محو هذه الفروق
لكن في الوقت نفسه حجب السبل الملتوية للماخية في استخلاص الموضوعية بنحو
او أخر من الروح و الوعي من النفسي " ,عكس المادية التي تنطلق من موضوعية
العلم من الاعتراف بالواقع الموضوعي الذي يعكسه العلم .
و بالتالي ف "ري"
يحاول أن يلبس على الماخية مساحيق لكي يخلص في النهاية و على طول الخط إلى أن
يستسلم للماخية و تكون النتيجة أن محاولة التوفيق بين المدرسة المادية و
المثالية في الفيزياء الجديدة محاولة
فاشلة و تبين درجة التبرؤ من المادية الذي وصله , دليل ذلك تقييمه للأهمية النظرية
لمعادلات ماكسويل و هرتس التفاضلية .
:"الفيـــــــــــــــــــــــــزيائي
المـــــــــــثـــــــــالي " الروسي7-
سعى السيد لوباتين في مقالته
الدفاع عن الفزيائي الروسي ن أي شيشكين
فقد كتب يقول في حقه ( كان وضعيا حقيقيا في سعيه بلا كلل إلى انتقاد أساليب
البحث و فرضيات العلم و وقائعه أوسع تبعا لنفعها بوصفها و سائل ومادة لأجل بناء
عقيدة كاملة ناجزه و في هذا المجال كان نقيضا لكثير جدا من معاصريه ........ و
يستمر ليخلص إلى ان شيشكين بنظره لا
يتطابق البتة الفهم الميكانيكي للطبيعة مع النظرة المادية إليها ... بل على العكس
على نظرية الميكانيكية أن تشغل في المسائل
من المرتبة العليا موقفا إنتقاديا صرفا , وحتى توفيقيا ... ) وهذه هي نظرة
الماخيين لمضمون تجاوز التضاد الشائخ ( الوحيد الجانب ) بين المادية و المثالية .
لكن و رغم سعي شيشكين إلى محاكمته الرديئة بخصوص
الكهرومغناطيسية فإن محاكمته هذه ليست إلا سفسطة
رخيصة ضد المادية
الفصل السادس
المذهب النقدي التجريبي والمادية
التاريخية:
تقديم هام:
ينقسم الماخيون الروس الى
معسكرين؛ اتجاه واضح ومنسجم يعادي ويعارض الماركسية بشكل
سافر ومن ابرز ممثليه السيد تشيرنوف.واتجاه(او زمرة الماخيين الذين يرغبوا في ان
يكونوا ماركسيين) يحاول ان يثبت بشتى الوسائل ان الماخية تتفق مع مادية ماركس
وانجلس التاريخية. وهذا الاتجاه ما يهمنا في هذا الفصل.لكن قبل عرض بياناتهم ،يرى
رفيق لينين انه من المنطقي عرض بيانات اساتذتهم الالمان.
1-
جولاتالنقاد التجريبيين الالمانفي العلوم الاجتماعية:
في هذا الفصل ينطلق رفيق لينين من ماخيين
هما بلي فرانس وج.بتسولدت.
اما فيما يخص الاول فقد عرض رفيق لينين
مقطعا مطولا في انتقاده لعلم الاجتماع الماركسي حيث طلب رفيق لينين من القارئ عدم
الغضب وتحمل سفسطة وهراء بلي الحقيرة , واستنتج
رفيق لينين ست حجج لبلي ضد ماركس والماركسية في علم الاجتماع وهي:
ماركس ميتافيزيائي،الماركسية ميتافيزيائية،إعلان
الفرد من قبل الماركسية مقدارا لا شأن له،نظرية الماركسية لا بيولوجية، حزبية
نظرية ماركس،تحيزها تحامل قراره،السخر من الحقيقة الموضوعية.
اما فيما يخص بتسولدت فقد اجمل رفيق لينين
استنتاجاته كما يلي:
ü
" ان العلاقة الجوهرية ولا
اكثر لجميع اهداف تفكيرنا وابداعنا هي الاستقرار" المجلد الثاني من المؤلف
"مقدمة الى فلسفة التجربة الخالصة"
ü
"الشفقة
هي تعبير عن حاجة طبيعية الى حالة مستقرة" ذلك هو مضمون الفقرة 28 من نفس
المجلد يشرح رفيق لينين.
ü
"الاخلاق
تستخلص من مفهوم "الحالة الاخلاقية المستقرة"
2- كيف يصلح بوغدانوف ماركس
وبطوره؟
يقول بوغذانوف ان" الصياغة القديمة
الاحادية التاريخية لم تعد ترضينا تماما مع انها لا تزال صحيحة في اساسها"
ص38 من مقالته"تطور الحياة في الطبيعة وفي المجتمع"ان المؤلف يريد ان
يطور ويعدل النظرية انطلاقا من اسسها بالذات".هكذا ينطلق رفيق لينين،و
استنتاج المؤلف الرئيسي هو التالي:"لقد بينا ان الاشكال الاجتماعية تعود الى
نوع واسع هو نوع التكيفات البيولوجية، ولكننا بذلك لم نحدد بعد ميدان الاشكال
الاجتماعية:فلأجل هذا التحديديجب ان نثبت لا،النوع فحسب، بل الجنس ايضا...ان الناس
لا يستطيعون في نضالهم ان يتحدوا الا بمساعدة الوعي.فلا معاشرة بدون وعي.ولهذا فان
الحياة الاجتماعية في جميع مظاهرها هي نفسية عن وعي...ان الطابع الاجتماعي لاينفصل
عن الوعي.ان الوجود الاجتماعي والوعي الاجتماعي بمعنى هاتين الكلمتين الدقيق،متماثلان".
اما ان هذا لايجمعه اي جامع
بالماركسية ،فقد سبق واكده ارثودوكس..."هكذا يواصل رفيق لينين.اما بصدد
التعليق يوضح رفيق لينين ان مسالة تماثل الوعي الاجتماعي والوجود الاجتماعي هي
تشويه للمقدمة الاساسية للماركسية،الوعي الاجتماعي هو انعكاس للوجود الاجتماعي.
ويسوق رفيق لينين مثالا على عدم التماثل هذا:"...ان الناس في جميع التشكيلات
الاجتماعية الاكثر تعقيدا نوعا،خاصة التشكيلة الاجتماعية الرأسمالية ،اذ يدخلون في
التعاشر لا يعون ما يلي :اية علاقات اجتماعية تتكون في هذه الحال،وبموجب اية
قوانين تطور،والخ..."
ان محاولة بوغدانوف اصلاح ماركس وتطويره بصورة
غير ملحوظة"بروح اسسه"هي تشويه بين لهذه الاسس الماديةبروح
المثالية".يؤكد رفيق لينين وفي هذا الصدد يسوق رفيق لينين عدة امثلة لمجموعة
من الاستنتاجات الماخية تختلف شكلا وتتفق مضمونا(في تحريف اسس الماركسية) حيث
نظرية تماثل الوجود الاجتماعي والوعي الاجتماعي الرجعية تصب في صميم هذه
الاستنتاجات.
خلاصات لينينية:
"...وفي فلسفة الماركسية هذه المصبوبة من
قطعة واحدة من الفولاذ،لايمكن سحب اية مقدمة اساسية ،اي جزء جوهري،دون الابتعاد عن
الحقيقة الموضوعية،والسقوط في احضان الكذب البرجوازي الرجعي".
"تزييف الماركسية بصورة
انعم فانعم ،تزوير المذاهب المعادية للماركسية واظهارها بمظهر الماركسية ،بصورة
انعم فانعم ،هذا ما تتميز به التحريفية المعاصرة في الاقتصاد السياسي وفي مسائل
التكتيك ،وفي الفلسفة على العموم ،سواء في علم العرفان او في علم الاجتماعي".
3- في اسس الفلسفة الماركسية لسوفوروف:
في هذه المقالة يقوم رفيق لينين بقفزة نوعية اي
بعد دراسة نظرات الفلاسفة الماخيين الروس فرادى في الفلسفة وعلم الاجتماع وتبيان
بطلانها وتشويهها للماركسية وليس البتة تطويرها.
امثلة:
"التصور الحسي انما هو،حسب انجلس،الواقع
الخارج عنا"هكذا يشوه بازاروف انجلس.
"....ديالكتيك ماركس وانجلس تصوف"
الى هذا يخلص برمان.
"الوجود الاجتماعي والوعي الاجتماعي متماثلان"
اهم استنتاجات بوغدانوف.
"نظرية الوجود العامة والقانون
الكلي"اهم اختلاقات سوفوروف.
وبعد هذا يخلص رفيق لينين الى:
"ان الخلافات الجزئية بينهم يمحوها واقع
الكتابة الجماعية ضد(وليس"في") الماركسية وتصبح السمات الرجعية للماخية
بوصفها تيارا رجعيا جالية للعيان".
وتجدر الاشارة الى انه خلال عرض نظرات(في
الحقيقة اختلاقات) سوفوروف ،سال رفيق لينين القارئ هل فهم شيء مما يخربشه هذا
الفيلسوف الماخي.كما ان الرفيق تأفف وهو يعرض "نظرية الوجود العامة اهم
اكتشافات سوفوروف.
4- الاحزاب في الفلسفة والفلاسفة العديمو الرؤوس.
بعد دراسة ومعرفة المقدمات
الاساسية للفلسفة الماخية ومضمونها الرجعي الى حد الظلامية، وبعد تحديد مسار
تطورها التاريخي واتجاهه المثالي الروحاني البرجوازي ،وكذا اكتشاف سبل استثمارها
الزئبقي للاكتشافات العلمية الحديثة ،وبعد تحديد موقفها من المادية التاريخية
الماركسية وعلم الاجتماع البرجوازي،بعد كل هذا ،يعرض رفيق لينين هنا موقف الماخية
من الدين مما يترتب عنه تحديد موقعها في هذا الاتجاه او ذاك من الاتجاهين الاساسين
المادية ام المثالية وكذلك فضح لا حزبيتها.
"خلال عرض كل المسائل المذكورة اعلاه تم
استبيان النضال بين المادية والمثالية وتحديد الخطين والاتجاهين الاساسين في طريقة
حل كل المسائل الفلسفية والمستورين احيانا وراء اكوام احابيل المصطلحات الجديدة
والالاعيب الكلامية المدرسية..."رفيق لينين.
ü
حزبية ماركس وانجلس و من حدا
حدوهما:
"ان عبقرية ماركس وانجلس تتجسد
بالضبط في كونهما قد طور المادية خلال مرحلة طويلة جدا- خلال ما يقرب من نصف قرن-
ودفعا الى الامام اتجاها واحدا في الفلسفة ،ودون ان يطيلا تكرار المسائل العرفانية
المحلولة ،و طبقا بمثابرة وانسجام هذه المادية نفسها ،وبينا كيف يمكن تطبيقها على
العلوم الاجتماعية مكنستا بلا رحمة ،الاقذار والاوساخ ،والهراء واللغو ،والسفسطات
الدعائية المفخمة ،والمحاولات التي لا عد لها من اجل اكتشاف خط جديد في الفلسفة
،واختراع اتجاه جديد ،والخ...وما حاربه ماركس وانجلس وطوراه خلال نشاطهما كله ،انما
هو ذلك الطابع الكلامي لهذا النوع من المحاولات ،والتلاعب المدرسي بالمذاهب
الفلسفية الجديدة المنتهية ب"ية" وتعمية جوهر المسالة بحيل معقدة
،والعجز عن فهم ووضوح و إدراك الصراع بين الاتجاهين الاساسين في الفلسفة"
رفيق لينين.
لقد عارض ماركس بحزم المثالية المنسجمة عند هيغل ونبذ بازدراء المذهب
الوضعي عند كونط وسخر بالفلاسفة المعاصرين الذين ينتقدون هذا الفيلسوف المثالي
ليسقطوا في حماة أخر.
وبالتجاوب التام مع ماركس ،عارض انجلس في جميع مؤلفاته الفلسفية الاتجاه
المثالي واوضح التضاد بين المادية والمثالية في حل جميع المسائل.
كما ان جوزيف ديتزغن وقف بحزم في الساعات
الحازمة ،قائلا بصلابة "انا مادي "و"فلسفتنا مادية" وقال بحق
"ان اخس حزب من بين جميع الاحزاب هو حزب الوسط" رفيق لينين .كما ان
.ج.ديتزغن كان على" استعداد على ان يفضل الاستقامة الدينية على نصفية
الاساتذة المفكرين الاحرار" على حد قول رفيق لينين ،كما ان انجلس توقع الخير
في الهيغلية المنسجمة على النصفية الهيومية والكانطية الالمانية.
ü
ماذا عن ماخ وافيناريوس فيما يخص الاحزاب في
الفلسفة؟
"...أه ؛ان هؤلاء السادة يتباهون بلا حزبيتهم،وإذا كان تمت نقيض لهم
،فما هو الا نقيض واحد، هو ...مادي .وفي جميع كتابات جميع الماخيين ،يبرز بكل جلاء
الادعاء البليد "بالارتفاع فوق "المادية والمثالية بالتغلب على هذا
التضاد "الذي اكل الدهر عليه وشرب" ،غير اننا نرى في الواقع ان كل هذه
الاخوية تقع في المثالية في كل لحظة وتخوض حربا لا هوادة فيها ولا رحمة ضد المادية...ولكننا نرى في
الواقع في الظروف العامة للصراع بين الافكار والاتجاهات في قلب المجتمع المعاصر ان
الدور الموضوعي لهذه الشعوذات العرفانية هو واحد وواحد فقط ؛تمهيد السبل امام
المثالية والايمانية وخدمتهما بأمانة..." رفيق لينين.
ü
موقف الماخيين الروس من الايمانية والاصطفاف:
بعد فضح وتقريع وتبيان المواقف المتدبدبة والمندسة وراء اكوام الكلام
الفارغ لمؤسسي الماخية من طرف رفيق لينين.
هذا النقد الذي كان الهدف منه هو تبيان
اللاموقف(الموقف) في اتجاه وخط الماخية
عموما ،يمهد الطريق لاستبيان موقف الماخيين الروس الذين يريدونا التوفيق
بين الماخية والماركسية.
"ان مصيبة هؤلاء تتلخص على
وجه الضبط في انهم وثقوا في اساتذة الفلسفة الرجعيين فانزلقوا الى منحدر ،لانهم
قرأوا وأمنوا وعرضوا افكار اساتذتهم وسموا ذلك بالماركسية .لا يمكن ولا ينبغي
تصديق اي كلمة من اي من هؤلاء الاساتذة مع انهم يمكن ان يدبجوا مؤلفات ذات قيمة
كبيرة في مجال تخصصهم العلمي .كما انه لا يمكن تصديق اي كلمة من اي استاذ في
الاقتصاد السياسي عندما يدور الكلام حول نظرية الاقتصاد السياسي العامة، وذلك لان
هذه النظرية شأنها شأن علم العرفان ،هي علم حزبي في المجتمع المعاصر .وليس اساتذة
علم الاقتصاد ،بوجه عام ،غير خدام متعلمين لطبقة الرأسماليين وليس اساتذة الفلسفة
سوى خدام متعلمين لللاهوتيين. رفيق لينين بتصرف.
ان الموقف من الدين والعلوم
الطبيعية يوضح غاية الايضاح هذا الاستخدام الطبقي الفعلي للمذهب النقدي التجريبي من
جانب الرجعية البرجوازية". رفيق لينين.
5- ارنست هيغل وارنست ماخ:
يقارن رفيق لينين بين عالمي طبيعيات،فبعد ان
عرض ارنست ماخ عالم الطبيعيات والفيلسوف الذاتي واحد مؤسسي المذهب النقدي التجريبي
و بعد ان بين رفيق لينين بوضوح ما بعده وضوح المضمون المثالي لفلسفته وخطه السياسي
البرجوازي الرجعي وكذا استغلاله معطيات العلم الطبيعة لخدمة كل فلسفة مثالية
وايمانية ساذجة ظلامية متستراتحت اكوام من الكلمات السكولاتية والشعوذات والسفسطة
على حد تعبير رفيقلينين بالإضافة الى محاربته ومن لف لفه للفلسفة المادية واعتبرها
ميتافيزيائية لأنها تنسجم ونظرة الناس العاديين وخلاصات البشرية العفوية والتي
تعترف بالواقع الموضوعي المستقل عنا والذي تنقله حواسنا الى الدماغ ليشكل مصدر
معارفنا.
بعد هذا يعرض رفيق لينين خلاصات احد علماء
الطبيعيات المادي العفوي ارنست هيكل الذي تعرض لكل انواع النقد والتقريع من طرف كل
ممثلي المدارس المثالية والماخية"خدام الرجعية حاملي الشهادات " وذنبه
الوحيد في ذلك هو:" ان سذاجة ارنست هيكل الفلسفية وغياب الاهداف الحزبية
عنده، ورغبتهفي مراعاة الفهم التافه السائد ضد المادية، وميوله التوفيقية الشخصية
ومقترحاته بصدد الدين كل هذا اظهر بمزيد من الوضوح روح كتابه العامة واستحالة
المادية الطبيعية التاريخية واستحالة التوفيق بينها وبين كل الفلسفة المثالية
واللاهوت... فان عالم الطبيعيات هذا الذي يعرب بالتأكيد عن الآراء والامزجة
والميول الاشد رسوخا،وان لم تكن قد اتخذت شكلا مكتملالدى الاغلبية الساحقة من
علماء الطبيعيات في اواخر القرن 19 وبداية القرن20 ،قد بين من الوهلة
الاولىوبسهولة وبساطة،ما حاولت الفلسفة الاستاذية ان تخفيه عن الجمهور وعن
نفسها،ونعني بذلك انه توجد دعامة تصبح اوسع فأوسع وامتن فامتن وتتحطم عليها كل
مساعي وجهود الف مدرسة ومدرسة للمثالية،والوضعية، والواقعية ،والمذهب النقدي
التجريبي وما شابه ذلك من ضروب الالتباس. هذه الدعامة هي المادية الطبيعية
التاريخية.ان اقتناع "الواقعيين السدج" (اي البشرية جمعا) بان احساساتنا
هي صور عن العالم الخارجي الواقعي موضوعيا هو اقتناع يتعاظم ويشتد باستمرار لدى
جمهور علماء الطبيعيات". رفيق لينين.
خاتمــــــــــــــــــــــــــــــــــة:
" تجب على الماركسي ان يعمد من اربعة
وجهات نظر الى تقييم المذهب النقدي التجريبي". رفيق لينين.
1-
يجب مقارنة الاسس النظرية لهذه
الفلسفة وللمادية الديالكتيكية.
2- تحديد موقع المذهب النقد ي
التجريبي بين مختلف المدارس الفلسفية المعاصرة.
3- بجب الأخذ بعين الاعتبار
الصلة الاكيدة بين الماخية وبين مدرسة في فرع من فروع العلوم الطبيعية.
4- لا يجوز ان لا يرى المرء
وراء السكولاستيك العرفاني للمذهب النقدي التجريبي صراع الاحزاب في الفلسفة.
حــــــــــــــول الديـــــــــــــــــــــاليكتيـــــــــــــــك:
في هذه النقطة يعرض رفيق لينين ،بتفصيل
،احد قوانين الدياليكتيك والذي يعتبره جوهر ونواة الديالكتيك وخاصته الرئيسية. اذن
لماذا التركيز بالضبط على هذا القانون في نهاية هذا المجلد.
نعتقد انه باعتبار الديالكتيك كنظرية للمعرفة
بالنسبة لوجهة النظر المادية، وعلى اعتبار ان الرفيق لينين يقدم، في هذا
المؤلف،عرضا نظريا محض والذي يتلخص مضمونه في اعطاء مقارنة بين نظرية المعرفة
الدياليكتيكية ونظريات المعرفة الأخرى التجريبية على الخصوص،فالرفيق لينين يزود
القارئ بأحد الاسلحة الجبارة لفهم مكامن الظاهرات والاشياء في الميدانين النظري
والتطبيقي،ليس هذا فحسب،بل امكانية التأثير في هذه الظاهرات والاشياء لصالح
الانسان سواء في الطبيعة او في المجتمع.
هذا القانون هو قانون وحدة وصراع المتناقضات
والذي بدأ مع هيراقليط"كل شيء موجود في الوقت نفسه وغير موجود"،"لا
يمكن الغطس في النهر مرتين «،مرورا بهيغل الذي خصص الكثير في نظراته للتطور كنتيجة
لصراع المتناقضات وصولا الى رواد الماركسية؛ماركس،انجلس ولينين.
ان مضمون هذا القانون هو
ازدواجية الواحد المتضمن لجزئيين متحدين وفي نفس الوقت يميل وينزع كل منهما الى
التضاد والصراع الى نفي احدهما واستمرار الاخروبكلمة موت القديم واستمرار
الجديد.ولا يمكن بتاتا ان نتحدث عن شيء اسمه انقسام الواحد الى اثنين لان هذه
المسألة من وجهة نظر علمية غير صحيحة وتدل على قصور في فهم قوانين الدياليكتيك
وبالتالي تشويه هذه القوانين و احيانا إلغائهاإإ
لاننا اذا تحدثنا عن انقسام
فسيبقى الضدان معا جنبا الى جنب وهذا ما تصبوا اليه البرجوزية العالمية. لكن ما هو
صحيح هو ان احد الاضداد ينفي الاخركنفي الجوهر للشكل، ونفي الجديد للقديم ،ونفي
نمط انتاج معين لأخر ،ونفي تشكيلة اجتماعية لأخرى اصبحت معرقلة لنمو وتطور
المجتمع.