لجنة بودا للدفاع عن المعتقلين السياسيين
خنيفرة في 10/01/2020
تقرير عن المحاكمة الصورية
محاكمة بودا...أو التنقيب بالمجهر في التدوينات
يوم الخميس 9 يناير 2020 ابتداء من 12:30 احتشد امام المحكمة الابتدائية بخنيفرة عدد من المناضلات و المناضلين القادمين من كل ربوع المغرب: طنجة، الرباط، العرائش، بني ملال،مريرت، وجدة، زاوية الشيخ، تطوان، مراكش ،القنيطرة ،أجلموس، تادلة، صفرو... لتصدح حناجرهم بشعارات تدين محاكمة الرأي و التعبير و الضمير و الخواطر و الأحلام في بلد لم يعد يتسع الا للكوابيس، و تجاوبا مع الشعارات تدخلت سيدة مسنة تجرجر في المحاكم منذ سنوات لعرض قضيتها بكل عفوية و بدموع الألم الذي يعصر كل ابناء هذا البلد شارحة وضعها المعيشي المأساوي الذي يتقاسمه معها الملايين من جوع و شظف عيش، بعدها أًلقيت كلمة أمام المحتجين باسم لجنة دعم بودا و الجمعية المغربية لحقوق الانسان و قوافل الاحرار من آيت خويا( أحفاد و أبناء شهداء 1973) و اجلموس و "خنق الدفة"، مُعرفة المحتشدين على جنبات المحكمة و الشارع حيثيات المتابعة و إفلاس نظام متلصص على الفايسبوك و التويتر و الحناجر للزج بالرافضين لسياساته الكارثية الى السجون ثم كلمة لرئيس الجمعية المغربية لحقوق الانسان الدكتور عزيز غالي الذي أدان هذه المحاكمات القرسطوية للحق في الرأي و التعبير و أكد على موقف الجمعية المغربية لحقوق الانسان بالمغرب في الوقوف بجانب كل ضحايا سياسات تكميم الافواه و لجمها عن التداول في كل ما يخص الشأن العام و الحياة السياسية بالبلد، لتتلوها شعارات مؤكدة على ان المتابعة في عمقها متابعة سياسية لا يميزها عن متابعة الزفزافي و رفاقه و المهداوي و عمر الراضي و الاطفال القاصرين( تلميذ مكناس) و ...الا التوقيت و المكان، و على الساعة 14:00 اختتم الشكل الاحتجاجي بما يسمح لكل الحضور بالالتحاق بقاعة المحكمة، و بعد لزوم عموم المناضلين مقاعدهم في صمت و هدوء فوجئوا بأحد أفراد الشرطة يطلب منهم الادلاء باستدعاءات او مغادرة القاعة
بطريقة مستفزة تضيق على علنية الجلسة، الأمر الذي تصدى له كل الحضور بحزم قبل ان يتدخل رؤساء المعني بالأمر لثنيه عن سلوكه المستفز، و بعد عرض بضعة ملفات لجنح مختلفة، افتتح ملف عبد العالي باحماد المعروف ببوذا غسان بالدفوعات الشكلية التي وضعت الاصبع على جملة من الخروقات المسطرية الجوهرية و المتعلقة أساسا بكون الملف خال من كل شكاية يمكن مواجهة بودا بها، غياب الاعلام بالجهة المشتكية و الشكاية التي تصف الوقائع المخالفة للقانون من أجل التحري و البحث فيها حسب الاختصاص الامر الذي يمس بقرينة البراءة و يخرق حقوق الدفاع و لا يحترم الدستور و لا الصكوك و المواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب، و كذلك الاستماع لبودا من طرف الشرطة القضائية بخنيفرة التي قامت حسب المحامين بعمل مهني جيد ليتم التخلص من محضرها و المطالبة بتعميق البحث مع (غسان بودا) من طرف الشرطة القضائية بني ملال، الأمر الذي يكشف عن نية مبيتة لانتزاع اعترافات بطرق معينة من بودا للزج به في السجن باعتباره شخصا غير مرغوب فيه خارج القضبان، حيث تطرق السادة المحامون سواء من هيئة الرباط او فاس و مكناس و بني ملال لنقطة عدم الاختصاص المكاني للنيابة العامة في خنيفرة لتوجيه اشغال الشرطة القضائية ببني ملال بخصوص هذا الملف و ربط الاتصال المباشر معها، فوكيل الملك يسير اعمال الشرطة القضائية في دائرة نفوذه و لا يحق له احالة الملف مباشرة لشرطة قضائية لا تقع تحت دائرة نفوذه، كما أن هذا الأمر يعد حسب المرافعات تقليلا من شأن ضباط الشرطة القضائية بخنيفرة و تشكيكا في كفاءتهم من طرف النيابة العامة التي يعملون تحت رئاستها، ليطالبوا ببطلان المحاضر المنجزة و اسقاط المتابعة ما دام باطلا كل ما بني على باطل. كما تطرقوا ايضا لشكلية مدة الحراسة النظرية و وقفوا على ان ما تكشفه المحاضر بهذا الخصوص يكشف ان الأمر يتعلق باحتجاز قسري و غير قانوني لبودا و اعتقال تحكمي و اخضاع للتعذيب ، اضف لذلك عدم تضمين المحضر اشعار الموقوف بودا بحقه في التزام الصمت أو تعيين محامي او حقه في الاستفادة من المساعدة القضائية رغم وضعه في غرفة الحراسة، مؤكدين ان الافلات من المساءلة في تجربة (الانصاف و المصالحة) هو الذي جعلنا نعيش هذه الانتكاسة مرة أخرى و كأن الدولة تريد طي صفحة لإعادة كتابة أخرى و ليس القطع مع ما عرفته سنوات الرصاص الامر الذي يستدعي انصافا و مساءلة عوض الانصاف و
المصالحة القسرية، و في معرض رد النيابة العامة على الدفوع اكتفت بالتأكيد على ان القانون يمنحها حق احالة المتهم لأي فرقة شرطة قضائية ترتضيها بما فيها الفرقة الوطنية مباشرة و ارتأت رئاسة الجلسة ارجاء البث في الدفوع الشكلية لحين تفصيل موضوع النزاع، حيث بدأ القاضي يتلو التدوينات( 5 تدوينات) على بودا و يسأله: ماذا تريد القول بهذا؟ و ماذا تعني بهذه الكلمة؟ و ما قصدك بهذه الجملة؟و ما المراد بهذه العبارة؟ و هل حسابك الفايسبوكي مفتوح للعموم أم لاصدقائك فقط؟ ... قبل ان ينتقل كذلك لقراءة التدوينات و طلب تعليقات و شروحات بودا بخصوصها، و هي اسئلة كلها تصب في موضوع احراق العلم المغربي و التثبت من "وطنية" بودا لأنها ركزت كثيرا على عباراة "الوطنية الزائفة" التي وردت في تعليقات و تدوينات كثيرة، و تجدر الاشارة الى ان هذه التدوينات كتبت في 27 و 28 و 29 اكتوبر 2019 و جاءت متساوقة مع احراق الراية المغربية بمسيرة في فرنسا، فأكد بودا في معرض رده على كل الاسئلة انه يرفض احراق العلم و يعتبر هذا السلوك غير مقبول و أن جوهر المشكل يكمن في مناوشات مع بعض خصومه خارج أرض المغرب و انه لا يؤمن بحدود بين البلدان و الشعوب و ان عدوه الحقيقي هم المستغلون الذين يغتنون ببؤس و شقاء الغالبية العظمى من سكان الارض، و معركته اممية و ليست قطرية او اقليمية او شوفينية ضيقة، و ان الوطن بالنسبة له ليس مجرد تكديس اموال و نهب ثروات و تفقير اوادم و ليس اختفاء وراء الراية و ما اكثر المختفين وراءها باسم الوطنية و التقارير الرسمية و منها آخر تقرير لجطو تكشف سرقاتهم لأموال المغاربة و تلاعبهم بمصير المغرب و مستقبل ابنائه، كما اشار ايضا لكون استنطاقه ببني ملال تم من طرف 9 اشخاص احاطوا به من كل الجوانب و انهم يرفضون تدوين اجاباته في المحضر و يريدون فرض نوع من الاجابة عليه الامر الذي حدا به الى رفض التعاون معهم و التوقيع على المحضر الذي انجزوه لأنه لا يثق فيهم عكس توقيعه على المحضر المنجز بخنيفرة لأنه اطمأن لضابط الشرطة الذي بحث معه و دون كل أجوبة بودا بكل أمانة دون ان يتصرف فيها بالزيادة أو النقصان، مضيفا انه بعد الاستماع اليه بخنيفرة لمدة خمس ساعات و نقله لبني ملال لم يتذوق طعاما و لا ماء ليباشر مرحلة اخرى من التحقيقات التي امتدت لغاية الواحدة ليلا( من الحادية عشر و النصف من يوم 18/12/2019 الى غاية الواحدة من اليوم
الموالي19/12/2019) و عرف فيها طلب اللجوء للمرحاض ازيد من 20 مرة لأن درجة حرارة المكان الذي تم تعميق البحث فيه كانت منخفضة لدرجة جعلته يستعجل أمره لانهاء الحديث ارهاقا و جوعا و بردا، و اشار الى انه لم يُشعَر بأي حق من حقوقه. و بعد ذلك تدخلت النيابة العامة لتطالب بأقصى العقوبات المنصوص عليها في المواد 267/1 و 267/4 و 267/5 من القانون الجنائي في حق بودا لآنه حرض في تدويناته و تعليقاته على اهانة علم المملكة و رموزها الامر الذي يعتبر خدشا لشعور الامة و عنوان تضامنها كما ان مقارنته المغرب بما يحدث في شيلي التي رفعت في مظاهراتها شعار :" لن يهنأ الاغنياء بجوع الفقراء"حسب احدى التدوينات يعد تحريضا ضد الوحدة الترابية للمملكة، لتتلوها مرافعات تاريخية بخنيفرة لهيئة الدفاع التي حجت من كل مدن المغرب منافحة عن الحق في التعبير و الرأي و التفكير و الوجدان و الضمير مثيرة موضوع العلنية و الخصوصية في منصات التواصل الاجتماعي مركزة على اجتهادات قضائية مقارنة تعتبرها فضاء خاصا لا يجوز لأي كان ان يتلصص عليها ليقيس نوع التهمة التي ينبغي توجيهها لصاحبها بإلباسه قراءة قسرية لمضمون التدوينات هي قراءة تلزم من يرى بعين بوليسية اتهامية لكل اشكال التعبير و الفن و الابداع و الأدب حيث ان قانون حماية المعطيات الشخصية 08.09 يحمي كل شخص يختلي مع نفسه لكتابة شعر او خاطرة و كذلك لرقن تدوينة او فكرة في حسابه الخاص و الدخول لهذه المعطيات ينبغي ان يكون في اطار الشرعية و ليس في اطار التلصص كما ان التعبيرات الادبية و الفنية و الكاريكاتورية ينبغي ان لا تطالها رقابة الشرطة و عينها، مؤكدين ان من جعل العلم المغربي مجرد قطعة قماش هم اولئك الذين جردوه من كل القيم التي ينبغي ان يتضمنها من حرية و مواطنة و محاسبة و صحة و تعليم، و ان المقصود الحقيقي بعبارة " ضفدع اخضر في بركة دماء" التي اعتبرت اهانة للعلم من طرف النيابة العامة هو في الحقيقة تلك الضفادع التي تعوم في المستنقعات و تعود للراية لستر و حجب فضائحها، تستنجد بالراية و تهرب اليها حين تحل ساعة محاسبتها، مشيرين الى ان الملايين من الناس تعبر عبر منصات التواصل عن رفضها لبؤسها فهل سنؤسس لقوانين عرفية و نربطها بالقانون الجنائي لمعاقبتهم على رفضهم لواقع يكتوون بناره، متسائلين عن فائدة سحب عقوبات الحبس من قانون الصحافة و النشر ما دام انها قد اعيدت من نافذة القانون الجنائي لمحاكمة الضمائر و النوايا
و الأحلام، مستغربين مساءلة بودا عن "وطنيته" أو " مغربيته" او حبه من عدمه للعَلم ، فهو غير ملزم اطلاقا بالدفاع عن براءته كما ان تفسيره للتدوينات هو الذي ينبغي ان يكون ملزما للمحكمة و ليس قراءة اجهزة الظلام او النيابة العامة لها، لأن قراءتها تعبر عن مستوى فهمها لها و ليس عما اراد بودا ايصاله من خلالها، و الا فإننا سنحاكم نوايا الاشخاص و ليس أفعالهم و في هذا السياق ذكروا بمحاكم التفتيش و احراق كتب ابن رشد و احراق الحلاج و محنة ابن سينا و التاريخ حافل بوصمات العار هذه التي كانت تترصد القلم و الكلمة، كما انهم واجهوا المحكمة بمجموعة من الصور الاخرى التي كان فيها بودا حاضرا بجانب العلم المغربي في وقفات و احتجاجات و انشطة و ان التدقيق القانوني السليم في التهمة يقتضي الأخذ بعين الاعتبار لمعنى العلم كما هو منظم بمقتضى ظهيره لأن الأمر اصبح يثير تخوفنا من محاكمات مزاجية قد تطال كل من رسم علما في ورقة ما ثم قام باحراق الورقة او رميها في الشارع، فكأننا بذلك نفتح ابواب جهنم على كل من تريد اجهزة معينة معاقبتهم لمواقفهم السياسية او الحقوقية او النقابية... و تمنى السادة المحامون ان لا تتأثر المحكمة بالسياق الذي اصبح يعرف محاكمات للكتب و اللوحات الفنية و المقالات الصحفية و التدوينات و التغريدات و ان لا يكون القضاء خادما لأي جهة و انما للقانون و لا شيء غير القانون . و بعد منتصف الليل تم النطق بالحكم : حكمت المحكمة علنيا ابتدائيا وحضوري. في الشكل: برد الدفوع الشكلية المثارة في الموضوع: بإدانة المتهم من اجل جرائم اهانة علم المملكة والتحريض ضد الوحدة الترابية، ومعاقبته بسنتين حبسا نافذا وغرامة مالية نافذة مضمومة قدرها 10000 درهم مع تحميله الصائر وتحديد الاجبار في الأدنى، والتصريح ببراءته من الباقي. عقوبة تلقاها بوذا برفع شعار التحدي و رفاقه بالاحتجاج و العهد على مواصلة درب النضال الطويل.
الحرية للمعتقلين السياسيين
الحرية لأولاد الشعب
عن لجنة الدعم