28 نوفمبر، 2014 في الذكرى 46 لانتفاضة الفلاحين بأولاد خليفة


من حائط الرفيق عبدالمالك حوزي 
28 نوفمبر، 2014
في الذكرى 46 لانتفاضة الفلاحين بأولاد خليفة:
=========================
ان للأراضي التي سالت فوقها دماء اولاد خليفة ، قصة طويلة سنحاول اختصارها ملقين الأضواء خاصة على الجوانب الغامضة التي بقيت مجهولة حتى اليوم لإحجام الصحف عن تناولها .
تقع الاراضي المتنازع عليها شمال غرب سوق الثلاثاء الغرب ، وما بين عين فلفل و" سيدي " محمد لحمر " ناحية القنيطرة " . ولقد كانت هذه الارض الخصبة الكبيرة المجففة ، التي تبلغ أزيد من 2500 هكتار ، موضوعة أيام الحماية الفرنسية تحت تصرف معمر فرنسي يدعى " مونزياس " .ولقد كان فلاحو المنطقة ، وهم أزيد من ستة آلاف شخص " أحد عشر جماعة " دائما وأبدا يطالبون باسترجاع اراضيهم المغتصبة منهم ، فيجابون باللامبالاة ولتماطل وغيرها من أساليب الادارة المعروفة .الى ان استطاع الحكم ان يستدرجهم الى لعبة توحي لهم بان الاراضي ليست ملكا لهم ، ودفعهم بذلك الى تقبل الأمر الواقع . فلقد تكالب على الارض هذه بعض الاقطاعيين الجدد المشهورين بجشعهم وتواطئهم مع الحكم ، أمثال الخليفة جلول النجاعي والشعبي والأمير عبدالله أخو الملك وثاني ملاك كبير ــ بعد الحسن الثاني ــ من حيث الثروة وسعة الممتلكات . فأصبحت الأراض تستغل من هؤلاء الطغاة ، الى جانب قسم صغير منها يستغله فلاحو اولاد خليفة مقابل 65 درهما للهكتار .ولقد فكر الثالوث الاقطاعي الظالم أن يزيح الفلاحين ويستولي بمفرده على الاراضي يستغلها ويستغل الفلاحين معها .فدبر الخليفة "جلول النجاعي " ابن عم احمد منصور النجاعي النائب " حيلة تقدم بها الى الفلاحين واخبرهم بأن الارض ستباع عما قريب . فجمع المحظوظون من الفلاحين أزيد من خمسة ملايين فرنك دفعوها كقدر أول يضمنون به شراء نصيب من الأرض .
ومضت ثلاث سنوات دون أن تعرض الارض في سوق المزاد .انتفع خلالها الاقطاعيون بترويج الخمسة ملايين وما درته عليهم من أرباح . وبعد هذه الفترة ظهر الاقطاعي جلول من جديد ليعلن للفلاحين انها ستباع وسيشتريها الامير عبدالله بمفرده .فاشتد حنق الفلاحين وغضبهم ، وفكروا قبل كل شيء في استرجاع الخمسة ملايين التي تكاد تضيع منهم . وشكلوا بعد ذلك وفدا كبيرا توجهوا به الى الديوان الملكي يطلبون العدالة لقضيتهم . وتكلفوا أكثر من 250 الف فرنك للجماعة في دفع شكاياتهم الى المحاكم واستنهاض المحامين .ولكن النتيجة ، وقد كانت معروفة بالطبع ، باءت بالفشل . ورأى الفلاحون انفسهم بعد أيام وقد منعوا حتى من كراء الأرض ، الحق الأخير الذي كانوا يتمتعون به .
هنا بالضبط ، وبعد ان بلغ السكين العظم ، بدأت حركة الفلاحين بالاستيلاء على خمسين بقرة هولندية يملكها الاقطاعي جلول النجاعي مقابل الدراهم التي دفعوها .وفي هذا الوقت بالذات بدأت تحركات الجيوش والقوات الاحتياطية التي أرسلها القائد " البوركشي " اتجاه المنطقة .غير انها لم تستطع ان توقف الحركة . وبعد أيام ، عندما تولى قيادة الحكم بسوق الاربعاء القائد بنونة أرسل جيوشا مسلحة لإطلاق الرصاص على الفلاحين يو 28 نونبر 1970 ، عندما كان الفلاحون يحاولون إيقاف جرارات الأمير عبدالله من شق الارض التي كانت بالأمس بين ايديهم .ولقد قتل الجيش الوحشي رميا بالرصاص أزيد من اثنى عشر فلاحا أثناء الصدام المباشر الذي استعمل فيه الفلاحون العصي والحجارة دفاعا عن أراضيهم وأنفسهم .ولقد عثر بعد ذلك على جثث منتشرة هنا وهناك ، بعد ان كان يعتقد أهلها أن أصحابها رهن الاعتقال ، نظرا لحملة الارهاب التي شنها الحكم الفاشستي الرجعي والتي اعتقل فيها ازيد من مائة فلاح ، بعد ان اخرجهم من بيوتهم وساقهم الى سجون سوق الاربعاء والقنيطرة .
ولقد كانت العائلات الفلاحية تحتفظ بجراحها وتخفيها عن أعين القمع والشر حتى لا تعتقلها بدورها .ولقد مات العديد من الفلاحين متأثرين بجراحهم الخطيرة نظرا لانعدام العلاج .
ولقد باتت المنطقة مطوقة بالجيوش عدة أيام حتى لا يتسرب اليها أحدا من المناطق المجاورة وحتى لا يعم السخط باقي الفلاحين ويتأزم الوضع . وبدل أن يجابه الحكم المشكلة ويفكر جديا في إنصاف الفلاحين ، الشيء الذي يتنافى ومصالحه الطبقية طبعا ، واجه الحكم الاستبدادي الفلاحين كعادته بالقمع والاعتقالات المستمرة والتهديدات ، حيث ذهب العميل الاستعماري الفرنسي والأمريكي السفاح أوفقير الى عين المكان يستعرض عضلاته ، ويقول للفلاحين أنه قادر على أن يقضي عليهم في بضع دقائق إن هم فكروا في الصمود ولم يستسلموا .ولا زال الفلاحون المعتقلون ، بعد ان عذبوا في مخافر الشرطة ، ينتظرون مصيرهم وصدور الاحكام في حقهم .هذا في الوقت الذي يتمتع فيه الخونة الاقطاعيون " جلول والشعبي وعبدالله " بكامل حرياتهم وبحماية السلطة الرجعية لهم . وتجدر الاشارة الى أن 1600 هكتار من الاراضي المتنازع عليها قد تم زرعها بالشمندر من طرف الامير عبدالله . ولقد تحرك الفلاحون أنفسهم ، شعورا منهم بوحدة مصيرهم ، ونظموا حملة واسعة فيما بينهم لمساعدة أسر ضحاياهم ، جمعوا خلالها 25 درهما وعبرتين من القمح لكل خيمة ، فعبروا بذلك عن تلاحمهم وتضامنهم وصمودهم في وجه الحكم الرجعي عدو الشعب .
وبعد هذا القمع الوحشي ، وتوجيه الرصاص الى صدور الفلاحين ، دخل الحكم الرجعي ـ كعادته ـ في حلقة عملياته الثانية التي تتمثل في توزيع فتات بعض الأرض على الفلاحين ، عمليات ما يمكن أن نسميه " ذر الغبار في العيون " . وفي هذا المضمار تشكلت لجنة مكونة من الدرك الملكي ، ومن بعض موظفي عمالة القنيطرة ، ومن قيادة وخلفاء المنطقة ، ومن موظفي مكتب الاستثمارات الفلاحية " او .ام .ف .أ." وتوجهت الى المنطقة اخيرا لإحصاء الفلاحين وتسجيلهم ابتداء من علال التازي الى محمد لحمر . ولقد باشرت هذه اللجنة كذلك سبر مساحات الاراضي التي يملكها المعمرون الاجانب أمثال " مونزياس " و " بورون " " ،والتي يملكها المعمرون المغاربة أمثال جلول النجاعي والأمير عبدالله وعبداللطيف بن عبدالجليل الذي يملك أزيد من 4500 هكتار اكتراها من الشركة المغربية للفلاحة " كوماكتري " التي اكترتها بدورها من الشركة المغربية .
ولقد بلغنا من مصادر مطلعة أن هذه الاراضي ستسترجعها الدولة ، وستحتفظ لنفسها بأجودها وأوسعها .وستوزع على الفلاحين بعض الاراضي الرديئة المؤلفة من أراضي المرجى المهددة بسطو المياه عليها . " ومن هي الدولة يا ترى إن لم تكن الحسن الثاني وأخوه عبدالله وغيرهم من الاقطاعيين الكبار وكبار الضباط والبيروقراطيين .."

شارك الموضوع

إقرأ أيضًا